ما معنى قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- «والشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْك»؟

2020-04-06

ما معنى قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- «والشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْك»؟

 النبي كان يدعو في دعاء التهجد بتاع (دعاء) التشهد: ولِقَاؤُكَ حَقٌّ

«اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيُّومُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ رَب السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَمَا فيهِن، ولَكَ الحَمْدُ لكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِك السَّمَوَاتِ والأرْضِ، أنْتَ الحَقُّ، وقَوْلُكَ الحَقٌّ، ووَعْدُكَ الحَقُّ، وَنَبِيُّكَ الحَقُّ، ومُحَمَّدٌ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، لَا مَانِعَ لِمَا أعْطَيْت، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعت.

اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ.

اللَّهمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ أنتَ تحكُمُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا فيهِ يختلِفونَ، اهدِني لما اختُلِفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِكَ إنَّكَ تهدي من تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيمٍ.

اللَّهمَّ اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ».

✍ هذا دعاء التهجد افتتاح التهجد اللي (الذي) كان النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- يفتتح به الدعاء كما جاء في الأخبار الصحيحة.

فقوله: «وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ» نوع من الأدب، المسلم عقيدته تثبت أنه لا يوجد في الكون إلا ما شاء الله، ولا يكون في الكون إلا بإرادة الله الكونية القدرية، ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾[يس:82] ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

✍ الشريرين من المشركين كانوا يجابهون النبي لما يدعوهم إلى التوحيد يقولون للنبي: أنت ليش (لماذا) تدعونا إلى التوحيد؟ ما هو (أليس) ربك هو مالك كل شيء؟ لو شاء ربنا ما أشركنا، فكوننا إحنا (نحن) نشرك، معناه أن الشرك هذا بإرادة الله.

✍ وذكرها في سورة الأنعام، وذكرها في سورة النحل بس (لكن) من المتشابه المثاني.

⇦ قال: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾[الأنعام:148].

☜ اسمعوا شو (ما) الرد عليهم؟

﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا﴾[الأنعام:148]كذلك كذب الذين من قبلهم، هم يعلمون إرادة الله، هو ربنا قال لهم: أشركوا بي؟ هو ربنا قال لهم: ازنوا؟ ربنا قال لهم. 

⇦ قال: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا﴾[الأعراف:28] يعني ما دام مكنَّا من عملها هو راضي عنها.

⇦ قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)﴾[الأعراف:28-29].

 ⇦ وقال في سورة النحل: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾[النحل:35].

هذا طبعًا عمل الكفار، يرد النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام- يقول: ما ينبغي لعاقل، والمسلم طبعًا من أعقل عباد الله أن ينسب الشر إلى الله؛ لأن أي مصيبة يعملها إن كانت جريمة، أنا أقول دائمًا: إنما يُحتج بالقدر على المصائب، ولا يُحتج بالقدر والمشيئة على المعايب، يُحتج بالمشيئة على المصائب، ولا يُحتج بها على المعايب.

☜ يعني لو واحد زنى، لو واحد سرق، لو واحد قتل، لو واحد أشرك، لو واحد ارتكب جريمة، لو واحد قطع المحارم، لو واحد عمل أي بلية من البلايا هذه مصيبة، ما مصيبة، هذه معيبة، هذا الله ينهى عنه، فلا يجوز لأحد أن يقول: هذه مشيئة الله، ترتكب الجريمة وتنسب شرك لله -عَزَّ وَجَل-! انسبه لنسبك اللي (التي) ارتكبتها أنت، علم الله أنك مخلول، علم الله أنك تريد الشر، وتميل للشر بعد ما مكنك وأعطاك آلات السمع والبصر، وأعطاك آلات التكليف، ولا كلفك حتى مُيزت وبلغت، وصلت سن الرشد كلفك، فإذا أمرك ونهاك ائتمر بأمره، وانزجر عن زجره، اللي (الذي) نهاك عنه انزجر، فإذا تيجي (تأتي) ترتكب جريمة تقول: مشيئة الله! ما يحل لك، تجعل مشيئة الله يعني عذر لك، هو خذلك، ولا كان هذا إلا بإرادته؛ لأنه يعلم أنك مخذول.

إِذَا كَانَ عُوْنُ اللّهِ لِلعَبْد نَصحه
 

 

فإذن تَأتَّى له مِنْ كُلِّ شَيءٍ مُرَادُهُ
 

وإن لم يَكُنْ عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفَتى
 

 

فَأَوَّلُ مَا يَقضي عَلَيهِ اجتِهَادُهُ
 

فالشر ما ينبغي أن ينسبه، وبعدين (ثم) أما المصائب صحيح يعني لو أنت نائم وانقلبت على واحد ومات ما يؤاخذك الله عليه يوم القيامة، لو أنك مثلًا غططت في النوم ولا صحيت (استيقظت) إلا بعد ما طلعت الشمس ما يؤاخذك الله يوم القيامة؛ لأن القلم مرفوع عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق؛ يعني أمور الله لا يعاقب عليها مع أنها في أصل التكليف.

لكن السبب اللي (الذي) يوجب التكليف ما هو (ليس) موجود عندك، فحماك الله عشان (لأنه) ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا﴾[البقرة:286] (6:00) 

⇦ فمن الأدب يقول: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾[النساء:79] يعني من أدب الإسلام، ومن أدب الناس أنه إذا حصل عليه بلوى يعني عيب من المعايب يعيب على نفسه يقول: استغفر الله وأتوب إليه، ﴿لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾[مريم:23] ويبكي على خطيئته ويتحزن ويتحسر، ويكره المكان اللي (الذي) حصلت فيه الجريمة، ويكره الديرة اللي (التي) فيها المكان هذا. هذا اللي (الذي) آمن وتاب، هذا اللي (الذي) تاب إلى الله -عَزَّ وَجَل-، وهذا اللي (الذي) يتوب عليه الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يتوب عليه.

✍ والنبي -عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام- يقول: «احْرِص عَلَى مَا يَنْفَعك» حديث صحيح في صحيح مسلم «احْرِص عَلَى مَا يَنْفَعك، وَاسْتَعِن بِالله، وَلَا تَعْجَز، وَإِنْ فَاتَكَ شَيء فَلَا تَقُل: لَوْ أَنِّي فَعَلت كَانَ كَذَا، وَلَكِن قُل: قَدَّرَ الله وَمَا شَاءَ فَعَل، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَح عَمَل الشَّيْطَان» يعني على الإنسان إذا ارتكب معصية ما يسندها لله، يسندها لنفسه.

﴿مَا أَصَابَكَ﴾[النساء:79] ما هي بس (ليست فقط) للنبي لمحمد، لكل واحد؛ يعني إن جاه (أصيب) بمرض، إن جاه (أتاه) شيء يكرهه، كل شيء هو من الله ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾[النساء:79] يعني ينبغي أن تنسبها لله، ﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾[النساء:79] انسبها لنفسك.

يعني تقول: يا رب عسى ما تنتقم منا، ربنا لا تؤاخذنا فإنَّا نسينا أو أخطأنا. وتب إلى الله -عَزَّ وَجَل-، وتتندم على الخطئة وتنسبها لنفسك، ما تنسبها لربك.

✍ فاللي (الذي) يقول: الشر إليك. هذا قليل الأدب، سيئ النضج، ما عنده فقه ولا فهم.

⇦ ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾[النساء:79].

⇦ ويقول: ﴿ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾[النساء:78] أصل الخير والشر هو اللي الله مقدره (ما قدره الله)، بس ما هو مقدره (لكن لم يقدره) ليكون شر مباحًا كالزنى والسرقة والقتل والأمور هذه كلها شر وتقول: مباحة، لا، أنت مسؤول عنها، وتروح (تذهب) جهنم لو مت على الشرك بالله والكفر بالله، ما تستحق، ما تريح ريح الجنة ولا تشم ريح الجنة.

⇦ ﴿مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾[المائدة:72].

⇦ فيقول: ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾[النساء:78].

✍ ففقه الحديث، وأدب الحديث، وأدب المسلم أنه إذا ارتكب جريمة، ارتكب معصية ينسبها لنفسه، ما ينسبها لربه، فيستغفر منها ويتوب منها، ويعزم على ألا يؤتاها، هذا هو، هذا معنى «والشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْك».

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق