حقيقة الجهاد وأطواره
الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
مقال من العدد الرابع من أعداد مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
يتحدث المقال عن فريضة الجهاد، مراحله وأطوراه كما يتطرق إلى طبيعة الجهاد في الأديان السابقة
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعهد بنصرة أوليائه وفي ذلك يقول: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:173]، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله القائل: «إن الجنة تحت ظلال السيوف»، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه الموصوفين في محكم الكتاب بأنهم {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29]، سلكنا الله وإياكم في حزبهم، وهدانا لسلوك دربهم وسبيلهم، أما بعد:
فريضة من فرائض الإسلام لم تتعرض لما تعرض له الجهاد من طعن أعداء الإسلام فيه، والتشويش عليه، وجعل ذلك سبيلًا للوصول إلي غمز الدين كله، حتى صاروا يوهمون الجاهلين بأن الإسلام لم ينتشر إلا بالسيف، وأنه لو كان حقًا من عند الله لاعتمد على الحجة والبرهان، لا على السيف والسنان، ولم يقف أعداء الإسلام عند ذلك فحسب، بل استطاعوا أن يوجدوا من أبناء المسلمين من يحمل راية الحرب على الجهاد، إما بإبطاله أصلًا، كما فعل الملحد الضال غلام أحمد القادياني والقادیانیون، فقد بذل هذا المارق كل جهده في محاربة فريضة الجهاد في الإسلام، فبعد أن أعلن عام 1902م أنه نبي مرسل، وأصدر رسالة سماها (تحفة الندوة) قال فيها: "فكلما ذكرت مرارة أن هذا الكلام الذي أتلوه هو كلام الله بطريق القطع واليقين القرآن والتوراة، وأنا نبي ظلي وبروزي من أنبياء الله، وتجب على كل مسلم إطاعتي في الأمور الدينية، ويجب على كل مسلم أن يؤمن بأني المسيح الموعود، وكل من بلغته دعوتي فلم يحكمني، ولم يؤمن بأني المسيح الموعود، ولم يؤمن بأن الوحي الذي ينزل علي من الله، مسؤول ومحاسب في السماء -وإن كان مسلمًا-؛ لأنه قد رفض الأمر الذي وجب عليه"، ثم يقول: "وقد شهد لي القرآن وشهد لي الرسول وقد عين الأنبياء زمان بعثتي .."، ثم ادعى أنه نسخ الجهاد الذي شرع الإسلام، وأن الواجب على كل مسلم أن يسالم الإنجليز، وألف لذلك كتابا سماه (ترياق القلوب) يقول في (ص: 15) منه: "لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولى الأمر الإنجليز من الكتب والإعلانات والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد العربية ومصر والشام وتركيا، وكان هدفي دائمًا أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة، وتمحى من قلوبهم قصص المهدي السفاك، والمسيح السفاح، والأحكام التي تبعث فيهم عاطفة الجهاد، وتفسد قلوب الحمقى".
ويقول في رسالة قدمها إلى نائب حاكم المقاطعة: "لقد ظللت منذ حداثة سني وقد ناهزت اليوم الستين أجاهد بلساني وقلمي لأصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية، والنصح لها، والعطف عليها، وألغي فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهالهم، والتي تمنعهم من الإخلاص لهذه الحكومة". وقد بذلت الحكومة الإنجليزية كل مستطاع لإنجاح هذه الدعوة، وأغدقت على دعاتها الأموال الطائلة والمناصب الرفيعة.
ولم يقف أعداء الإسلام في محاربة دعوة الجهاد إلى هذا الحد، بل صاروا يساعدون على نشر أفكار أخرى، منها أن الجهاد في الإسلام ليس من أجل الإسلام، وإنما هو لمجرد الدفاع عن النفس فقط، وقد لقيت هذه الفكرة نجاحًا في أوساط المثقفين من المسلمين بالثقافة الأجنبية حتى رسخت في قلوب عامة المفكرين تقريبًا في هذا العصر الحاضر، فصاروا دعاة لها، ونسي هؤلاء أو تناسوا أن الدفاع أمر طبيعي لا ديني، فالحيوانات بل حتى الجمادات والنباتات قد خلقت في الكثير منها خاصية الدفاع ضد أعدائها كما هو معروف في علم النبات، وعلم الحيوان، وسنحاول هنا الإشارة إلى طبيعة الجهاد عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وهم الذين يحملون الراية ضد الجهاد في الإسلام ، ويشيعون ويذيعون أن الإسلام لم ينتشر إلا بالسيف، ناسين أو متناسين أو جاهلين ما عندهم في التوراة والإنجيل، وناسين أو متناسين أو جاهلين كذلك أن جنوب شرق آسيا يعيش فيه الآن أكثر من مائة وخمسين مليون من المسلمين، منهم حوالي مائة مليون في إندونيسيا لم يذهب إليهم جندي واحد من جيش المسلمين، بل دخلوا في دين الله أفواجًا من تلقاء أنفسهم لما ظهر لهم أنه الدين القيم، كما سنحاول كذلك الإشارة إلى أطوار الجهاد في الإسلام، إن شاء الله.
تعريف الجهاد:
الجهاد في لغة العرب معناه المشقة، يقال: جهدت أي بلغت المشقة.
أما تعريفه شرعًا فهو بذل الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضًا على مجاهدة النفس والشيطان والفساق قال الحافظ في الفتح: "فأما مجاهدة النفس فعلى تعلم أمور الدين ثم على العمل بها ثم على تعليمها، وأما مجاهدة الشيطان فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات وما يزيد من الشهوات، وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب، وأما مجاهدة الفساق فباليد ثم اللسان ثم القلب، وأعلى أنواع الجهاد هو الجهاد بالنفس على حد قول الشاعر:
يجود بالنفس أن ظن البخيل به *** والجود بالنفس أسمى غاية الجود
تاريخه:
الجهاد مشروع في الأصل في جميع الديانات السماوية، يشير إلى ذلك قوله تبارك وتعالى {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:40].
وكذلك قوله عز وجل في شأن موسى صلى الله عليه وسلم: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة:21-26].
وكقوله عز وجل: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:249-251].
طبيعة الجهاد في الأديان السابقة:
وكان الجهاد في الأديان السابقة يتسم بالعنف على العدو، فيوجب تحريق بلده وإبادته وقتل النساء والأطفال والشيوخ المسنين، ولا يبيح الأسرى إلا أمد قصير، وإليكم نصوصًا من التوراة والإنجيل أو بتعبير آخر: من العهد القديم والعهد الجديد.
ففي سفر يشوع (الإصحاح السادس) بعد أن ذكر قصة محاصرة يشوع وبني إسرائيل لأريحا، وتواعدهم أن يهجموا على المدينة عند الهتاف وضرب الأبواق، جاء فيه: "20 فهتف الشعب وضربوا الأبواق، وكان حين سمع الشعب صوت البوق أن الشعب هتف هتافًا عظيمًا فسقط السور في مكانه، وصعد الشعب إلى المدينة كل رجل مع وجهه، وأخذوا المدينة. 21 وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف".
ثم يقول السفر: "24 وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها: إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرب يسوع".
وفي الإصحاح الثامن من يشوع في قصة حربهم لمملكة عاي بعد أريحا يقول: "1 فقال الرب ليشوع: لا تخف ولا ترتعب خذ معك جميع رجال الحرب وقم أصعد إلى عاي، انظر قد دفعت بيدك ملك عاي وشعبه ومدينته وأرضه 2 فتفعل بعاي وملكها كما فعلت بأريحا وملكها".
ثم يقول في الفقرة 8: "ويكون عند أخذكم المدينة تضرمون المدينة بالنار، كقول الرب تفعلون، انظروا قد أوصيتكم". ثم يقول: "21 ولما رأى يشوع وجميع إسرائيل أن الكمين قد أخذ المدينة وأن دخان المدينة قد صعد انثنوا وضربوا رجال عاي 22 وهؤلاء خرجوا من المدينة للقائهم فكانوا في وسط إسرائيل، هؤلاء من هنا وأولئك من هناك، وضربوهم حتى لم يبق منهم شارد ولا منفلت. 23و أما ملك عاي فأمسكوه حيًا وتقدموا به إلى يشوع 24 وكان لما انتهى إسرائيل من قتل جميع سكان عاي في الحقل في البرية حيث لحقوهم وسقطوا جميعًا بحد السيف حتى فنوا أن جميع إسرائيل رجع إلى عاي وضربوها بحد السيف 25 فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم من رجال ونساء إثنى عشر ألفًا جميع أهل عاي". ثم يقول: "28 وأحرق يشوع عاي وجعلها تلًا أبدًا خرابًا إلى هذا اليوم . 29 وملك عاي علقه على الخشبة إلى وقت المساء، وعند غروب الشمس أمر يشوع فأنزلوا جثته عن الخشبة وطرحوها عند مدخل باب المدينة وأقاموا عليها رجمة حجارة عظيمة إلى هذا اليوم". هذه بعض نصوص العهد القديم.
أما العهد الجديد فبالرغم من أن النصارى يزعمون أنهم دعاة سلام وأنهم في سلامهم مستمسكون بالإنجيل الذي يقول: "من ضربك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر"، فبالرغم من هذه الدعوة التي لا يعرفون تطبيقها عندما يحتلون بعض البلاد أقول: وبالرغم من ذلك فقد جاء في إنجيل متى في الإصحاح العاشر منه: "34 لا تظنوا أني جئت ألقي سلامًا على الأرض، ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا. 35 فإني جئت أفرق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنة ضد حماتها. 36 وأعداء الإنسان أهل بيته. 37 من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني، ومن أحب ابنًا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني".
وبهذه النصوص يتبين أن غيرنا من المنتسبين للأديان السماوية كانوا في باب السيف أغلظ منا سلوكًا، وأشد مناشدة، وليس مثلهم. وهذه نصوصهم- أقول: ليس مثلهم هو الذي يليق به أن يتهم دين الإسلام، فإن عليهم يطبق قول القائل: "رمتني بدائها وانسلت"، مع أن ما ذكرنا من نصوص كتبهم قد يؤيده القرآن في مثل قوله تعالى مشيرًا إلى الأديان السماوية السابقة : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال:67].
أما الذين لا ينتسبون إلى دين سماوي كالشيوعيين وأشباههم فإنهم لا يتورعون عن قتال أوليائهم وأهل مذهبهم، فضلًا عن أعدائهم إذا اشتموا منهم ريحًا انفصالية عنهم، كما فعل الروس وحلفاء (وارسو) في تشيكوسلوفاكيا .
الجهاد في الإسلام:
بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وله أربعون سنة وستة أشهر وثمانية أيام كما قيل، فمكث بمكة يدعو إلى الله تبارك وتعالى ثلاث عشرة سنة، ويلقى من عنت قريش وأذاهم له ولأصحابه الشيء الكثير، وهم صابرون محتسبون، كلما اشتد بهم الأذى ونزل بهم الكرب من أعدائهم صبرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستمعوا أو تلوا نحو قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية:14] فيهون عليهم ما يلقون في جنب الله، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوافي الموسم كل عام، ويتبع الحجاج في منازلهم، ويأتي عكاظ وغيرها من أسواق العرب يدعو إلى الله عز وجل، حتى وفق الله جماعة من الخزرج كانوا يسمعون من حلفائهم يهود يثرب أن نبيًا يبعث في هذا الزمان فنتبعه ونقتلكم معه قتل عاد، فلما رأى هؤلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله، وتأملوا أحواله، قال بعضهم لبعض: "تعلمون والله يا قوم أن هذا الذي توعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه"، فاجتمعوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأسلموا وكانوا ستة، ثم رجعوا إلى المدينة ودعوا فيها إلى الإسلام فانتشر الإسلام فيها بين الأوس والخزرج، ثم حج من العام الذي يليه اثنا عشر رجلًا، منهم اثنان من الأوس، والباقي من الخزرج، فاجتمعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه بيعة العقبة الأولى، ثم جاءه في العام الذي يليه أكثر من سبعين شخصًا من المدينة، فاجتمعوا به عند العقبة كذلك، وبايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون نسائهم وأبنائهم وكانوا سبعين رجلًا وامرأتين. ولما علم أهل مكة باجتماع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل المدينة خافوا أن ينتقل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعزموا على قتله، واجتمعوا في دار الندوة يتشاورون في أمره على ما حكى الله تبارك وتعالى في ذلك حيث يقول: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30]. أمره الله تبارك وتعالى بالهجرة إلى المدينة، ولما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وأيده الله بنصره، وألف بين قلوبهم بعد العداوة ومنعته أنصار الله من الأسود والأحمر رمتهم العرب واليهود عن قوس واحدة، وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة. والله يأمر رسوله والمؤمنين بالكف والصبر والعفو حتى قويت شوكة المؤمنين وأصبحوا كما قال قيس صرمة رضي الله عنه:
ثوي في قريش بضع عشر حجة *** ويعرض في أهل المواسم نفسه
فلما آتانا واستقر به النوى *** يذكر لو يلقى حبيب مواتيا
وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم *** فلم ير من يؤوي ولم ير داعيًا
وأصبح مسرورة بطيبة راضيًا *** بعيد ولا يخشى من الناس باغيًا
وأنفسنا عند الوغى والتآسيا *** جميعا وإن كان الحبيب المصافيا
كتاب الله أصبـــــــح هاديا *** بذلنا له الأموال من جل مالنا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم *** وأن ونعلم أن الله لا رب غيره
وكما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
قومي هم الذين أووا نبيهم *** وصدقوه وأهل الأرض كفار
إلا خصائص أقوام هموا تبع *** في الصالحين مع الأنصار أنصار
مستبشرين بقسم الله قولهموا *** لما أتاهم كريم الأصل مختار
أهلًا وسهلًا ففي أمن وفي سعة *** نعم النبي ونعم القسم والجار
فأنزلوه بدار لا يخاف بها *** من كان جارهموا، دار هي الدار
وقاسموه بها الأموال إذ قدموا *** مهاجرين وقسم الجاحد النار
أطوار الجهاد ومراحله:
حرم الله على المسلمين القتال طيلة العهد المكي، ونزل النهي عنه في أكثر من سبعين آية في كتاب الله عز وجل بمكة، وكانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم ما بين مضروب ومشجوج فيقول لهم: «اصبروا فإني لم أؤمر بالقتال» حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وقويت شوكة المسلمين، واشتد جناحهم أذن الله لهم في القتال ولم يفرضه لهم فرضًا إذ يقول عز وجل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:39-41]، قال بن عباس رضي الله عنه ومجاهد وعروة بن الزبير وقتادة ومقاتل بن حيان: "هذه أول آية نزلت في الجهاد"، وقد علل الله تبارك وتعالى هذا الإذن بأنهم ظلموا فلم يكن لهم ذنب يقاتلون عليه فيما بينهم وبين الناس إلا أنهم يعبدون الله عز وجل، وهذا هو الطور الثاني من أطوار الجهاد إذ كان الطور الأول هو تحريمه، وكان هذا الطور الثاني هو الإذن فيه دون الإلزام به.
الطور الثالث من أطوار الجهاد:
وكان الطور الثالث من أطوار الجهاد هو إيجابه لقتال من قاتل المسلمين دون من كف عنهم بقوله عز وجل: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة:194] ونحوها من الآيات، وأما قوله تبارك وتعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190]، فإن جماعة من أهل العلم جعلوها من أدلة هذا الطور من أطوار الجهاد، وهو أن يكون فرضًا لدفاع فقط فلا يقاتل إلا من قاتل فعلًا واعتدى على المسلمين ولكن بعض أهل العلم يرى أنها ليست كذلك بل يفسر قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} [البقرة:190] يعني قاتلوا مَن مِن شأنه قتالكم كالرجال الأقوياء المقاتلين أما النساء والصبيان والشيوخ المسنون ونحوهم فإنهم لا يقاتلونهم لأنهم ليسوا من أهل القتال ورغب الإسلام في هذا الطور في الجهاد حتي جعله ذروة سنان الإسلام. وفي هذا الطور ارتفعت راية الإسلام عالية في جزيرة العرب، وألقى الله الرعب في قلوب الكفار ، ونصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب مسيرة شهر، وتحقق قول القائل:
دعا المصطفى بمكة دهرًا لم يجب *** وقد لان منه جانب وخطاب
فلما دعا والسيف صلت بكفه *** له أسلموا واستسلموا وأنابوا
وساق الله تعالى ناسًا إلى الجنة بالسلاسل، ونفع الله كثيرًا من الخلق رغم أنوفهم على حد قوله تبارك وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد:25] فإن العقلاء ينفع فيهم البيان، وأما الجاهلون فدواؤهم السيف والسنان على حد قول الشاعر:
فما هو إلا الوحي أوحد مرهف *** تزيل ظباه أخدعي كل مائل
فهذا دواء الداء من كل عاقل *** وهذا دواء الداء من كل جاهل
الطور الرابع من أطوار الجهاد:
ثم فرض الله الجهاد لقتال المشركين كافة مع البدء بالأقربين دارًا وفي ذلك يقول: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:5]، وقال عز وجل: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:36]، وقال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة:193]. وقال عز من قائل: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال:39]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:123]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها»، وقال صلى الله عليه وسلم: «الجهاد ماض إلى يوم القيامة»، وأنذر الله تبارك وتعالى من ترك الجهاد بأنه يلقي نفسه إلى التهلكة حيث قال: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195]، فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي وعبد بن حميد في تفسيره وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه والحافظ أبو يعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه كلهم من حديث يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران قال: "حمل رجل من المهاجرين بالقسطنطينية على صف العدو حتى خرقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال ناس: "ألقى بيده إلى التهلكة "، فقال أبو أيوب: "نحن أعلم بهذه الآية، إنما نزلت فينا: صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدنا معه المشاهد، ونصرناه فلما فشا الإسلام وظهر اجتمعنا معشر الأنصار تحببًا فقلنا: قد أكرمنا بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصره حتى فشا الإسلام، وكثر أهله، وكنا قد آثرناه على الأولين والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها فنرجع إلى أهلينا وأولادنا فنقيم فيهما فنزل فينا {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195]، فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال، وترك الجهاد".
وكانت فريضة الله في الجهاد ألا يفر مؤمن من عشرة كفار حيث بقول الله عز وجل: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [الأنفال:65]، ثم خفف الله عن المسلمين، وفرض عليهم ألا يفر مؤمن من كافرين، وفي ذلك يقول: {الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:66]. على أن الإسلام جعل الفرار يوم الزحف من الموبقات فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات؟» قالوا: "وما هي يا رسول الله؟" قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات». وقد استثنى الله عز وجل أهل الكتاب، فمنع قتالهم إن أدوا الجزية وهم صاغرون، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبول الجزية من مجوس هجر مع بقائهم على دينهم كذلك. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتال النساء والصبيان، حتى قال مالك والأوزاعي -رحمهما الله-: "لا يجوز قتل النساء والصبيان بحال حتى لو تترس أهل الحرب بهم". غير أن أكثر أهل العلم يقولون: "إن قاتل واحد من هؤلاء أو تترس به الكفار جاز قتله". وأكثر أهل العلم يفسرون قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:256] يفسرون قوله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}: يعني اليهود والنصارى إن أدوا الجزية، وقالوا: إن سبب نزولها أن جماعة من الأنصار كان لهم أبناء من يهوديات فأرادوا إكراههم على الدخول في دين الإسلام فأنزل الله هذه الآية. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "وقد ذهب طائفة من أهل العلم أن هذه الآية محمولة على أهل الكتاب"، ثم قال: "وقال آخرون: بل هي منسوخة بآية القتال، وعلى هذا فالآية إما محكمة محمولة على أهل الكتاب أو هي عامة لكنها منسوخة بآية السيف".
وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى أن السيف من دين النبيين جميعًا حيث يقول: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ} [التوبة:111]، كما أشار إلى أن تهيئة المسلمين للقتال وإعدادهم للجهاد من أعظم ما يمكن لهم في الأرض حيث يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال:60]. وقد أجمل الله تبارك وتعالى ثمرة الجهاد في قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف:10-13].
جماعة ربانية
"إن من عباد الله لأناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى، قالوا: "يا رسول الله تخبرنا من هم؟" قال: «هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس» أبوداود.
الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
المدرس بالجامعة بكلية الشريعة