الأصول المختلف فيها
الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
الأصول المختلف فيها.
وهي: شرع من قبلنا بالنسبة لنا، وقول الصحابي في حق غير الصحابة، والاستحسان، والاستصلاح واستصحاب الحكم السابق، أعني ثبوت الحكم في الزمن الثاني لثبوته في الزمن الأول، والقياس.
الأصول المختلف فيها.
وهي: شرع من قبلنا بالنسبة لنا، وقول الصحابي في حق غير الصحابة، والاستحسان، والاستصلاح واستصحاب الحكم السابق، أعني ثبوت الحكم في الزمن الثاني لثبوته في الزمن الأول، والقياس.
وسنتكلم عليها إن شاء الله هنا ما عدا بحث القياس فسنجعله من مباحث الألفاظ؛ لأنه في كيفية استثمار الأحكام من الألفاظ.
- شرع من قبلنا.
جميع الشرائع السابقة التي لا نعلمها إلا من كتب السابقين ومن نقل أحبارهم الكفار لا نزاع عند أهل العلم في أنها ليست بشرائع لنا.
وكذلك ما عمنا بشرعنا أنها كانت شرعاً لهم خاصة دوننا كقوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146].
كما أن الشرائع السابقة التي علمنا بشرعنا أنها كانت شرعاً للسابقين ولم يرد نسخ لها في شرعنا وأمرنا في شريعتنا بمثلها فإنه لا نزاع عند أهل العلم أنها شرع لنا كقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]، مع قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178].
واختلف أهل العلم فيما ثبت أنه شرع لهم بنقل صحيح نقبله ولم يرد في شرعنا ما ينسخه.
فقال الحنفية والمالكية: إنه شرع لنا. وقد روي هذا عن أحمد والشافعية، واستدلوا بما يلي:
- قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، والهدي يشمل الأصول والفروع.
- قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا...} [الشورى: 13]، والدين يشمل الأصول والفروع.
- مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم التوراة في قصة رجم الزانيين من اليهود.
وذهب أحمد والشافعية في الرواية الأخرى عنهما إلى أنه ليس بشرع لنا، واستدلوا بما يلي:
- قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، فإنه يدل على اختصاص كل نبي بشريعة لا يشاركه فيها غيره.
- ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى يوماً بيد عمر قطعة من التوراة فغضب وقال: ما هذا؟ ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي.
- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: بم تحكم؟ فذكر الكتاب والسنة والاجتهاد، ولم يذكر شرع من قبلنا.
والراجح الأول؛ لما رواه البخاري في صحيحه عن مجاهد أنه سئل عن السجدة في (ص)، قال: سئل ابن عباس فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، وكان ابن عباس يسجد فيها.
وقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، لا يدل على عدم المشاركة؛ لأن المشاركة في بعض الشريعة لا تمنع نسبتها إلى المبعوث بها باعتبار أن أكثرها مخصوص به.
وغضبه صلى الله عليه وسلم في حديث عمر لدرء الفتنة، لا سيما وأن التوراة قد غيرت وحرفت.
وقصة معاذ لا دليل فيها كذلك؛ لأننا لا نعتبر من شرائع السابقين إلا ما ثبت بطريق صحيح كأن يوجد في القرآن أو السنة وهي مرجع معاذ([1]).
[1]- إمتاع العقول بروضة الأصول ص66-68.