استعمالات "مِن" في اللغة العربية

الشيخ عبد القادر شيبة الحمد

استعمالات "مِن" في اللغة العربية

فائدة حول استعمالات "مِن" في اللغة العربية وأمثلة عليها من القرآن الكريم.

قالوا يا محمد أليس فيما أنزل إليك وروح منه؟ ما هو نزل القرآن [الي] نزل عليك فيه في عيسى عليه السلام في عيسى وروح، في وصف عيسى وروح منه؟ قال: (بلى)، قالوا يكفينا خلاص، أشهدت على نفسك أن عيسى ابن الله، شهدت على ..، وين شهد على نفسه أن عيسى ابن الله، قالوا: من كلمة منه، لأن من يستعملها العرب للتبعيض، تقول أكلت من الرغيف يعني بعض الرغيف، وشربت من الماء يعني بعض الماء، فإذا قلت وروح منه يعني بعض من الله، فأنزل الله تبارك وتعالى ردًا عليهم اثنتين وثمانين آية، من اول سورة آل عمران إلى قوله {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، وقال لهم {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ} إلى آخر الآيات.

أنزل الله عز وجل ذلك وهم طبعًا شوشوا ضللوا، لأن كلمة من [الي] استفادوا منها التبعيض هذه مثل [الي] يقول {لا تقربوا الصلاة} يقرأها ويقف عليها ويترك {وأنتم سكارى}، يقول [إحنا] لا نصلي، ليش لا نصلي؟ يقول لأن ربنا يقول {لا تقربوا الصلاة}، طيب هو يقول لا تقربوا الصلاة في حالة معينة وهو قوله {وأنتم سكارى]، أما إذا ما كنتم سكارى عليكم صلاة، فيقول {لا تقربوا}.

  ولذلك واحد من المعاصرين المضللين في عصرنا قال:

دع المساجد للعباد تسكنها ... وسر بنا نحو خمّار ليسقينا

ما قال ربك ويل [...] سكروا ... وإنما قال ويل للمصلين

إن النوع هذا مثل نصارى نجران، هذا مثل نصارى نجران، فنصارى نجران قالوا الله يقول {وروح منه}، معناه أن عيسى بعض من الله يصير ولد ربنا، وجهلوا [....] هم عرب، هم نصارى لكنهم عرب، عرب من القبائل العربية، من [...] وغيرهم، لكنهم لما أرادوا أن يضللوا استعملوا الكلمة في غير وجهها التي أنزلت من أجله، لان كلمة من تستعمل في اللسان العربي لعدة معانِ، فمن تستعمل لابتداء الغير، تقول أنا جئت من البيت، هذه ما فيها تبعيض، لما تقول أنا جئت من البيت ما يمكن تستعمل من هنا للتبعيض وإنما لابتداء الغاية، ويقول الرب تبارك وتعالى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}، هذه بمعنى بيان، يعني التي هي الأوثان، اجتنبوا ارجس التي هي الأوثان، فلا تصلح للتبعيض، فمن تستعمل لمعان كثيرة أكثر من عشرين معنى، أكثر من عشرين معنى وضعها العرب لكلمة من، تستعمل للتبعيض ولابتداء الغاية وللبيان وللإنصاف وللسببية، في معانٍ كثيرة استعملها العرب لكلمة من.

فنصارى نجران تركوا الحق الذي هو ابتداء الغاية، هي هنا معناها ابتداء الغاية، أن عيسى مبدأه من خلق الله، أن الله خبقه كسائر الخلائق التي خلق، قال له كن فكان، فهو ابتداء خلقه من الله لا أنه بعض الله، ولذلك تركوا الصريح من الآيات في عيسى {إن هو إلا عبد} في عيسى عليه السلام يقول {إن هو إلا عبد}  والعبد ما يكون ابن، العبد ما يكون ابن لا عند العرب ولا عند العجم في الأصل، يقول النبي عليه السلام: (من ملك ذا رحم محرم عتق عليه)، يعني لو اشتريت أباك أو أخاك أو ولدك بمجرد ما يصير ملكك يصير حر ما يصير عبد.

فربنا يبين يقول عيسى عبد يقول{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} لم يلد و..، كيف يقول لكم هالكلام الصريح ليس له ولد {لقد جئتم شيئًا إدًا} يعني عظيمًا خطيرًا منكرًا {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} ما يصير ولد له وهو عبد لله، ما يجتمع بين العبودية والولادة، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.

وأنزل الله في ذلك {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} يعني واضحات يعرفها العامي والعالم، آيات معناه جلي ظاهر، بمجرد ما تسمعه تفهمه، سواء كنت درست أو للم تدرس، سواء كنت عالمًا أو عاميًا، {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يعني تحتمل أكثر من معنى، منها معنى صحيح وقد تحتمل معنى باطلًا لكنه لم يُرَد، غير مراد، فالي في قلبه زيغ يحمله على المعنى الباطل، والي في قلبه إيمان يحمله على المعنى الحق، {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}.

الموقع الرسمي للشيخ عبد القادر شيبة الحمد

shaibatalhamd.net