ما حكم زكاة الفطر، وما الحكمة من مشروعيتها، على من تجب، هل الجنين يُزكى عنه؟.

2020-04-06

ما حكم زكاة الفطر، وما الحكمة من مشروعيتها، على من تجب، هل الجنين يُزكى عنه؟.

حكم زكاة الفطر: فريضة في صحيح البخاري «فرض رسول الله  صاعًا من تمر».

⮈ الحكمة من مشروعيتها: إغناء الفقراء في هذا اليوم، وطُهرة للصائم من اللغو والرفث. وقد قال هذا الكلام النبي  ممكن تكون قصرت، تكلمت بكلمة ما كنت تريدها فالله -- يجعل من زكاة الفطر طُهرةً لك من اللغو والرفث إذا كان حدث في الصيام، ورفعة لمنزلتك وإغناء لإخوانك الفقراء في ذلك اليوم المبارك.

⮈ وتجب زكاة الفطر على كل شخص زاد عليه من قوت يومه. وحتى من تجب لهم الزكاة إن زادت الزكاة عليه وصار عنده فضل في قوته تجب عليه زكاة الفطر.

أما زكاة الجنين: فأنا أزكي عن الجنين إذا بلغ 120 يوم في بطن أمه ونُفخت فيه الروح أنا أزكي عنه، فلا يَضرنا إن زكينا أربعة أمداد، أو حفنات من تمر، أو من زبيب، أو من شعير، أو من حنطة.

فأصل الصاع أربعة أمداد، والمد مليء الكفين مجتمعين ما تحتاج أن تُحضر مكيل حتى تكيل، لكن
أنبه الآن بالمناسبة أنه كُثرَ من سنوات قليلة وليست بعيدة، طبعًا مذهب أبو حنيفة يُجيز أن تُخرج زكاة الفطر مال وهذا مخالفة صريحة لما ثبت عن رسول الله في حديث أبي سعيد الخدري، وفي حديث ابن عمر «كُنّا نُخْرِجُ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ ﷺ يَومَ الفِطْرِ صاعًا مِن طَعامٍ، وقالَ أبو سَعِيدٍ: وكانَ طَعامَنا والأقِطُ والتَّمْرُ والزَّبِيبُ، الشَّعِيرُ». فهذا نص.

وحديث ابن عمر «فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ زَكاةَ الفِطْرِ صاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صاعًا مِن شَعِيرٍ على العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بها أنْ تُؤَدّى قَبْلَ خُرُوجِ النّاسِ إلى الصَّلاةِ». أي من صلاة العيد، وهذا في صحيح البخاري.

وأنا أقول: المشكلة التي ظهرت من سنوات أن الناس يسألون كم تَبلغ من الكيلو؟ فقد بينَ النبي  أنها بالصاع؛ لأن الكيلو وزن، والصاع بالمكيل، فالصاع كيل ينبغي التفطن لها لأن البلوى بها عمت وطن وأفتى بها كبار العلماء، وصغارهم يقول الواحد منهم: اثنين كيلو تكفي الرجل، والآخر يقول: ممكن كيلو ونصف. افرض قال: أربعة كيلو وليس اثنين، ولا ثلاثة كيلو، الكيلو عبارة عن وزن السنج توضع في كافة ميزان ويوضع مقابلها شيء، والصاع شيء إناء فارغ تملئه.

الأمور التي حُددت في حديث أبو سعيد «كنا نُخرج الفطرة على عهد رسول الله  صاعًا من تمر، أو صاعًا من طعام». فيدل ذلك على كل ما صار طعامًا لأهل بلد تُخرج زكاتهم منه، فمثلًا زمان ما كان عندهم الأرز، ولم يكن منتشرًا، الدهن كان موجود، الشعير موجود، التمر موجود، الزبيب موجود، الأقط وهو اللبن المجفف منزوع الزبد موجود وبعض البلاد يسموه كشك، لكن لو أحضرنا الصاع صاع النبي ، أو أي صاع وقد ذكرت أن الشريعة الإسلامية؛ لأنها شريعة اليُسر ما فرضت كيلًا معينًا لشخص معين، إنما قال: (صاع). والعرب فقط يُقسمون الصاع إلى أربعة أمداد، ويقولون: المد ملئ الكفين المتوسطتين.

يعني يكون أمامك الكيس الذي تأخذ منه تُحفن أربع حفنات ممتلئات ممتدات اليدين هذه صاع كامل، إن كنت وراء غنمك في البر يكفيك، إن كنت لحالك يكفيك، إن كنت في البرية يكفيك، إن كنت في بحر يكفيك ما تحتاج لصاع، أو كيل فقد أعطاك الله الصاع يديك مادام يديك ممتدة تَحفن أربع حفنات بيد متوسطة مملوءتين فهذا صاع.

ولو أحضرت شيء وأوزن، وأكيل ووضعت الإناء الذي أكيل به أمامي وملئت الصاع مسامير وضعت المسامير على كافة ميزان ووضعتها على الميزان تطلع أربعة كيلو مثلًا تطلع المسامير ثقيلة تقريبًا أربعة كيلو، لو أنا أخذت المسامير ووضعت بدلها حنطة هل الحنطة عندما توزن اثنين كيلو حنطة تُعادل اثنين كيلو مسامير؟! ضعهم في الصاع حتى ترى الفرق.

لو أحضرت قطن، أو صوف وملئت به ملئ صاع ووضعته في الميزان هل يُعادل الشعير؟! إذًا الوزن غير الكيل؛ لأن الوزن يختلف بثِقل المادة التي تزنها، قد تكون مادة من طبيعتها الثقل فالكيلو شيء قليل يُقدر بِمد واحد، فإذا كان من مادة خفيفة فلا شيء، لكن الصاع لا يتغير بخفيف، ولا ثقيل إن وضعت فيه شعير الشعير الشريعة تُخبرك: بأنه يكفيك. إذا وضعت فيه دخن الشريعة تُخبرك: بأنها تكفيك. إذا وضعت فيه تمر الشريعة تقول لك: تكفيك. إذا وضعت فيه أرز الشريعة تقول لك: تكفيك. إذا وضعت فيه زبيب الشريعة تقول لك: تكفيك. مع أنك لو وزنت هذه الأشكال الأربعة، أو الخمسة في الكيلو تخالفت، بل الأرز لحاله يختلف في أرز خفيف فهو خفيف في يدك سواء كان يابس، أو لما تأتي تأكله تشعر بخفته الأرز يتفاوت، القمح يتفاوت، الشعير يتفاوت، الدخن يتفاوت، الذرة يتفاوت كل هذا يتفاوت، لكن الشريعة تقول لك ما عليك ما يتيسر قدمه من هذه الأجناس مادام فيها طعامك يكفيك، والشريعة أعدل، وأرجى، وأدق، وأجمل فاللذين يفتون باثنين كيلو أو ثلاثة ما عندهم أي بصيرة مهما كانوا كبارًا في هذا الباب.

فمن الممكن أن يكون بصير في أمور، لكن هذا خطأ فاحش أن يُستبدل المكيل بالموزون، والمعلوم أن الوزن يختلف باختلاف ثقل الموزون بخلاف الصاع فالصاع الذي تضعه فيه يقبله، خفيف يقبله، ثقيل يقبله، والشريعة قالت لك: مقبول منك بغض النظر رخيص غالي، لكن بشرط ﴿وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ﴾[البقرة: 267]. ابحث على الطيب الذي تأكل منه الأرز الذي تأكل منه لا تشتري أقل منه.

طبعًا القمح ما كان موجود في مدينة النبي محمد  في عصر النبوة إلا نادر يمكن النبي  ما ذاقه إن صح الخبر مرة، أو مرتين في عشرة سنين، وكانوا يتغنون بالذي عنده قمح وقد أتوا به من الشام، أو العراق، أو من اليمامة وكانوا يزرعونه ولما ذهبت عائشة تزف امرأة من الأنصار لزوجها فقال لهم النبي : «هل غنيتم لهن؟ فقالت كيف نغني يا رسول الله؟ أتَيْناكم فحيُّونا نُحيِّيكم لولا الحنطة السمراء ما نحلل بِوادِيكم». 

ففي عهد معاوية وهو خليفة وإمام للمسلمين زار في حج، أو عمرة وجلب معه الحنطة لأول مرة جُلبت من الشام بكميات كِبار، وخطب على منبر النبي محمد  وقال: "أرى مُدين من سميراء الشام". أي: الحنطة "تعدل صاعً من طعامكم". يعني: من الشعير، ومن الزبيب، والتمر ومن الأقط طعام أهل المدينة فأخذ به جملة من أصحاب محمد ، أما أبو سعيد الخدري قال: "لن أُغير شيئًا حفظته عن رسول الله  ما يمكن أكتفي بنصف صاع من البر بدل صاع من التمر أنا إن طلعت من البر أطلع صاع". هذا الذي قاله أبو سعيد الخدري راوي الحديث عن رسول الله ؛ لأن راوي حديث «كنا نخرج الفطرة على عهد رسول الله  صاعًا من طعام، الأقط، والزبيب، والتمر، الشعير». فيقول: "أنا لم أُغير ولم أبدل فيما سمعت، وأمرنا به  في أن أضع مُدين من الحنطة، أو من البُر بدل أربعة أمداد من غيره".

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق