الخطاب في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}، للعموم وإن كان وارد بلفظ الواحد

2020-06-25
الخطاب في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}، للعموم وإن كان وارد بلفظ الواحد
الفائدة الثانية والأربعون من لطائف قرآنية من تفسير سورة الأنعام من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول الخطاب في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}، للعموم وإن كان وارد بلفظ الواحد.

والمخاطب بقوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: 68]، هو كل فرد من أفراد آحاد أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويدخل في عمومهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخولاً أولياً.

ومما يدل على أن الخطاب في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}، هو للعموم وإن كان وارداً بلفظ الواحد قوله تعالى بعد ذلك: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 69].

قال ابن كثير رحمه الله وقوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} أي بالتكذيب والاستهزاء {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} أي: حتى يأخذوا في كلام آخر غير ما كانوا فيه من التكذيب، {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} والمراد بهذا كل فرد، فرد من آحاد الأمة، ألا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله ويضعونها على غير مواضعها، فإن جلس أحد معهم ناسيا {فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى} بعد التذكر {مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}

ولهذا ورد في الحديث: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، وقال السدي، عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} قال: إن نسيت فذكرت، فلا تجلس معهم. وكذا قال مقاتل بن حيان.

وهذه الآية هي المشار إليها في قوله: {وَقَدْ نزلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} الآية، أي: إنكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك، فقد ساويتموهم في الذي هم فيه. ا ه.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 4/406-408

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق