إقرار الأمم بالله

2020-06-28
جميع الأمم على مر العصور، واختلاف الأجناس، وتباين الألسنة واللغات، معترفون بالخالق العظيم، قد ورثوا ذلك من عهد آدم، وتتابعت اعترافاتهم به إلى أمة محمد؛ ولذلك كثر في القرآن العظيم توجيه الأسئلة للمشركين بأنهم ما داموا مقرين بأن الله هو وحده خالق السموات والأرض وما فيها؛ فلماذا يشركون به ويعبدون معه غيره؟

جميع الأمم على مر العصور، واختلاف الأجناس، وتباين الألسنة واللغات، معترفون بالخالق العظيم، قد ورثوا ذلك من عهد آدم، وتتابعت اعترافاتهم به إلى أمة محمد؛ ولذلك كثر في القرآن العظيم توجيه الأسئلة للمشركين بأنهم ما داموا مقرين بأن الله هو وحده خالق السموات والأرض وما فيها؛ فلماذا يشركون به ويعبدون معه غيره؟

حيث يقول عز وجل: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 84-89].

وكما قال عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 9].

وقال عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87].

وحتى فرعون كان مقرًا برب السموات والأرض في قرارة نفسه وإن جحد ذلك، كما أشار الله تبارك وتعالى إلى ذلك في قوله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: 101-102].

ففي قول عليه السلام لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، دلیل جلي على أن فرعون وقومه کانوا مقرين بخالق السموات والأرض كسائر الأمم التي تُقِرُّ به ربًا وتعبد معه غيره، أو تجعل العبادة لغيره.

وكما قال عز وجل: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31].

وكما قال عز وجل : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: 61-63].

وهؤلاء مع إقرارهم بخالقهم، وخالق السموات والأرض، واعترافهم بربوبيته؛ قد عبدوا غيره معه، زاعمين أنهم إنها عبدوا هؤلاء مع الله لیکونوا شفعاء لهم عنده، ولیقربوهم إلى الله زلفی، کما قال عز وجل: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3].)[1]).

 

 

[1]- تهذيب التفسير وتجريد التأويل، الشيخ عبد القادر شيبة الحمد 1/55-56.

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق