بصيرة في قوله تعالى: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}

2020-06-28
هذه قاعدة قضى الله عز وجل بها؛ وهي تشمل جميع أجناس المكلفين في جميع الأعمار والأمصار؛ وهي أنه لا يستحق أجر الله وحسن مثوبته والنعيم المقيم في جنات النعيم إلا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل الصالحات.

هذه قاعدة قضى الله عز وجل بها؛ وهي تشمل جميع أجناس المكلفين في جميع الأعمار والأمصار؛ وهي أنه لا يستحق أجر الله وحسن مثوبته والنعيم المقيم في جنات النعيم إلا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل الصالحات؛ فآمن بجميع النبيين وصدّق جميع المرسلين وعلى رأسهم شيخهم وإمامهم وسيدهم محمد بن عبدالله ﷺ الذي قضى الله بأنه بعد بعثته لن يدخل الجنة أحد إلا من طريقه واتباع منهجه وسنته والعمل بشريعته، کما جاء في الأثر القدسي: «وعزتي وجلالي لو جاءوا من كل طريق، واستفتحوا من كل باب، ما فتحت لهم إلا أن يجيئوا من طريقك»([1])، ولا شك أن عیسی ابن مریم -عليه السلام- عندما ينزل في آخر الزمان يلتزم الحكم بمنهج محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا}، يعني المسلمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

وقوله: {وَالَّذِينَ هَادُوا}، قال البخاري في صحيحه([2]): هادوا: صاروا يهودا.

والنصارى هم المدعون أنهم على دين المسيح منسوبون إلى نصرانة قرية المسيح عليه السلام؛ فإنها يقال لها الناصرة، ويقال لها: نصرانة.

والصابئون: هم عبدة النجوم والكواكب والملائكة، وقد كان العرب يطلقون اسم الصابئ على

المائل عن دين إلى دين آخر؛ حتى كانوا يلقبون أفضل الخلق بعد الأنبياء أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- بالصباة، ويسمون خاتم المرسلين -صلى الله عليه وسلم- الصابئ؛ لأنه خالف دينهم.

وقوله عز وجل: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون}، أي: لا سعادة ولا فلاح ولا فوز لأي طائفة من الطوائف، ولا لأي فرد من الأفراد المكلفين؛ إلا إذا حققوا الإيمان بالله في أنفسهم وآمنوا بالبعث بعد الموت، والتزموا بالعمل الصالح.

وقد اشترط الله عز وجل لصحة العمل وصلاحه شرطين أساسيين، الأول: أن يكون خالصًا لوجه الله، والثاني أن يكون صوابًا؛ أي: على منهج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

ولذلك قال عز وجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 45].

فمن حقق هذ الأمور فإنه يكون من أولياء الله الذين قال فيهم: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]، وكما قال: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30] ([3]).

 

 

[1]- ليس له أصل وإنما هو من قول الجنيد بن محمد الخراز القواريري الصوفي المعروف، رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (10/257) ومن طريقه الخطيب في الفقيه والمتفقه (1/389)، ورواه السلمي في طبقات الصوفية (ص/132)، وابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص/19) من طريق جعفر بن محمد الخلدي قال: سمعت الجنيد يقول: "الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول واتبع سنته ولزم طريقته فإن طريق الخيرات كلها مفتوحة عليه".

[2]- 5/7، قبل حديث (3941).

[3]- تهذيب التفسير 1/157-158.

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق