ما حكم تغطية الوجه والكفين للمرأة

2020-04-06

هل غِطاء الوجه أمر شرعي للمرأة، وما حكم الشرع عن المرأة التي تكشف عن وجهها، وكفيها أفتنا على بما أجمع العلماء عليه؟.

العلماء لم يجمعوا على شيء في هذا الباب، وقد ذكرت كثيرًا لما نزل قوله --: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾[النور: 31]. وقد قال قبل هذه الآية: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾[النور: 30]. والغض هو إرخاء الجفن الأعلى حتى يقرب من الجفن الأسفل حتى ترى الطريق من تحت رجليك ولا ترى المرأة المقبلة عليك، بمعنى أن تحاول أن لا تقع عينيك عليها.

والمرأة أيضًا يجب أن تحافظ وأن لا تتمعن في وجوه الرجال؛ لأن إبليس عندما تقع عينها على رجل، والرجل كل ما تقع عينه على امرأة يشتغل بكل ما يطيق، والعلماء يقولون:

كُل الحوادث مبدأها من النظرِ **** ومُعظم النارِ من مُستَصغر الشررِ

ومن غض بصره أنار الله بصيرته يعني في الحال النور الذي بعيونك ينتقل إلى قلبك، وبصرك في الحال لا يُحرمك الله من ثوابه، إن صدقت الله -- يَحصل لك هذا الخير، والبر، والبركة العظيمة، فيقول: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾[النور: 31]. امرأة من الصحابيات الجليلات، الكبيرات العظيمات وهي: (أخت عبد الله بن أُبي)، وكانت امرأة صالحة وهو رأس المنافقين، فكان النبي  يخرج من المسجد في الغَلس ما كان النور الذي طالع واضخ فوجد امرأة واقفة على باب المسجد فقربت من النبي وقالت: زوجي (ثابت بن قيس) «لا أغمسه في خلقٍ ولا دين». ما أعيب عليه لا دين، ولا أخلاق أخلاقه عالية ودينه متين، هذا الحديث موجود بالبخاري «زوجي ثابت بن قيس، لا أغمسه في خلقٍ ولا دين، لكني امرأةٌ أكره الكفر في الإسلام». فهي كانت راضية، وفرحانة به، فهو زوجها وكانت تعيش معه بسعادة، ولم يوجد بينهم أي قلق، ولكن رفعت مرة طرف الخباء وتناظر من حولها وإذ أقبل زوجها مع عدة من الرجال وهو كان أقصرهم قامةً، وأقبحهم وجهًا، وأشدهم سوادًا فعندما رأته أقسمت بالله ألا تجتمع رأسها، ورأسه على وسادةً واحدة.

هي تعيش معه لكن العين التي خربت عليه الحياة مع إبليس، فكانت راضية به، وراضي بها، وفرحين ببعض؛ لكن لما أبصرت الرجال كرهته، وقالت أنا أخاف الآن أن أعاشره وأنا الآن له كارهة فيأمرني فلا أتمر بأمره وأذهب إلى النار؛ لأن المرأة إذا عصت زوجها وبات غضبان عليها باتت تلعنها الملائكة من المغرب حتى الصباح، «إذا باتت المرأة مغاضبة لزوجها باتت تلعنها الملائكة حتى الصباح».

والمرأة السعيدة هي التي ينطبق عليها حديث  «خيرُ النساءِ امرأةٌ إذا نظرتَ إليها سرتْكَ وإذا أمرتَها أطاعتْكَ وإذا غِبتَ عنها حفِظتْكَ». المهم لما نزل قوله -تعالى-: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾[النور: 31]. عَرفَنَا أن هناك زينة ظاهرة وفي آخر الآية قال: ﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾[النور: 31]. فعرفنا أن في زينة خفية، والعلماء أطبقوا على أن الزينة زينتان زينة ظاهرة للمرأة، وزينة خفية للمرأة.

وقالوا: أن الزينة الظاهرة هي الكحل في العين، والخاتم في الأصبع. والزينة الباطنة: هي السوار الذي على الذراع. من الزينة الخفية التي أطبق علماء الشريعة عليها وتعريف دورها، والخلخال الذي في الساق، فيقول في آخر الآية: ﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾[النور: 31]. هي ما تتكلم لكن عندما تمشي وهي لابسة عدد من الخلخال يصير لها صوت ﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾[النور: 31]. المرأة إذا ضربت بالخلخال دلت على أنها خبيثة عند الرجال.

ولذلك نهى النبي  المرأة أن تتعطر وتخرج إلى الطرقات وهي معطرة وتخرج إلى الطرقات وهي مُعطرة «أيما امرأة خرجت من بيتها وهي متعطرة في زانية حتى ترجع». بمعنى أنها تلعنها الملائكة، ويلعنها كل لاعن في الأرض، أو من في السماء هذا حالها، لما نزل ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾[النور: 31]. الزينة الخفية، اختلف عالمان جليلان من أصحاب محمد  (عبد الله بن مسعود- وعبد الله بن عباس) ما المراد بالزينة التي تُظهرها المرأة؟ ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾.

☜ فذهب (ابن عباس): أنها الكحل في العين، والخاتم في الإصبع. وإذا كان الكحل يظهر فيظهر الوجه كله، فالوجه عند ابن عباس ليس بعورة وبمذهب ابن عباس أخذ المالكية، والحنفية، كل البلاد التي يَغلب فيها مذهب أبو حنيفة، أو مذهب مالك لا تُغطين النساء وجوههم ولا يرون في ذلك بأسًا.

☜ وذهب (ابن مسعود): أن الزينة الظاهرة ما يبدوا من المرأة رغم أنفها. مثل: الهيكل العام لجسم المرأة من كتف، خصر، عجيزة، طول، بمعنى خلقةٌ متزنةٌ، مشيتها الطبيعية بدون تكليف كما قال الأعشى:

   كأنَ مَشيتها من بيتِ جارتها **** مَر السحابة، لا ريْث ولا عجلُ

فهذه زينة ليس للمرأة بها علاقة، ولا يُطلب من المرأة أن تكتم نفسها حتى لا يُعرف طولها وعرضها، وعمقها، وخصرها، وعجيزتها، ففسر ابن مسعود: أن الوجه عورة. ولا يحل للمرأة أن تكشفه.

☜ وأجمع المسلمون من (الشافعية، وحنابلة، والحنفية، والمالكية) على الظاهر على أن المرأة إن كانت جميلة ويُرجى الفتنة وجب عليها ستره، سواء كان مذهب حنفي يُبيح الوجه، أو مالكي يُبيح الوجه، أو شافعي يُحرم الوجه، أو حنبلي يُحرم الوجه، يعني على مذهبين من الصحابة والناس عليهم، وطبعًا إن كنت في بلد يَغلب فيها مذهب ابن عباس فعليك أن تجتهد اجتهاد كاملًا أن تَغض بصرك، فإذا رأيت امرأة قادمة أنظر إلى أسفل على قدمك ليس لك حاجة في أن ترى مًد شبرين، أو أن تضع يدك على عينك حتى تَمُر وترى أثر ذلك عند ربك يوم القيامة.

وقد كان الصحابة وهم يقاتلون في بلاد الروم تكشفت امرأة أمام بعض الصحابة فلطم عينه لطمةٌ تورمت عينه عليها، وقد قال لعينه: إنك للاحظة سريعةٌ إلى ما يُغضب الله، فقال له بعض الصحابة: ظلمت عينك أَما علمت أن لك النظرة الأولى، وعليك النظرة الثانية، فالنظرة الأولى معفو عنها؛ لأنك لم تقصدها عينك وقعت على المرأة خطأ ما قصدت، لكن بمجدر أن تأتي عينك عليها ارجع واحذر؛ لأنك ما تتابع النظر لها لا بل تتابع جمالها الذي وقع في قلبك سماها ربك ﴿خَائِنَةَ الأَعْيُنِ﴾[غافر: 19]. تبدأ تسحبك قهرًا وأنت ما دريت وأنت تنظر إليها مرة ثانية، وربنا يقول: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ﴾[غافر: 19]. العين الخائنة لما وقعت النظرة الأولى ما غض بصره وشغل قلبه عنها، بدأ قلبه ينشغل فتعاد نظرة غصب عنه يمكن ما يريدها؛ لكن العين تخونه يقول الله --: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ  وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾[غافر: 19].      

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق