ما الفرق بين ابن عربي وابن العربي

2020-04-06

البارحة لحقني أحد الجالسين، وقال ودي إنك تفرقك لنا بين ابن عربي النكرة، وابن العربي المعرفة، ابن العربي الذي ذممته كثيرًا، وابن العربي الذي مدحته كثيرًا؟.

أنا مدحت الشيخ (القاضي أبو بكر بن العربي المعافري) أصله من أهل اليمن وكان من سكان الأندلس وهو من مواليد الأندلس، ولما أخذ النصارى الأندلس هاجر من بلاد الأندلس التي أخذها النصارى وجاء إلى بلاده ومر بمصر، ثم بلاد الشام، ثم وصل للموصل وتزوج  فيها وبقي فيها مدة، ثم رجع هذا أبو بكر بن العربي ولم يستقر في مصر، فالذي نقلت كلامه أمس ليس بين الله وبين جبريل واسطة، وليس بين جبريل والنبي واسطة، وصدق صدقًا عظيمًا في هذا الذي قاله.

أما الثاني النكرة فهو يسمي نفسه: (محي الدين محمد بن علي الطائي) ينتسب إلى طي التي بها قبيلة شمر الآن في أجا وسلمى حائل فكان أصله أهله من أهلها، وهو أصلًا من الأندلس، ثم ظهر أمم من العلماء منهم القرطبي، وابن العربي، لما وصل ابن عربي كلهم من الأندلس، ولما وصل ابن عربي يسمى: ابن عربي الحاتمي يدعي أنه من نسل حاتم الطائي، وله أشعار في طي، ومدح طي على أساس أنه منها، ابن عربي النكرة تبنى مذهب وحدة الوجود، ومعنى وحدة الوجود بعض الناس يَتَخلق حتى من كبار العلماء، فعندنا ثلاث كلمات:

  • حلول فهم يدعون أن الله يحل في العبد فهذا يُسمى حلول.

  • وعندنا شيء من المذاهب الرديئة اسمه الاتحاد، أن الله يتحد مع العبد يكونون حقيقة واحدة.

  • والثالثة تسمى وحدة وهي أشد الطوائف الثلاثة وأشرها، وكلها شر.

لكن الوحدة ما في رب، وما في عبد، كل ما في الكون عبد، وكل ما في الكون رب فيقول بخصوص الحكم له:

العبد رب والربُ عبدٌ **** يا ليت شعري من المكلَّف 

وتلميذه ابن الفارض يقول:

لها صلوات بالمقام أقيمها **** وأشهد فيها أن فيها لي صلتِ

ولم تكن صلاتي لغيري **** حقيقة بالجمع في كل سجدة

ثم يقول:

تنزه عن قول الحلول عقيدتي

فالناس يقولون: هذا الرجل طيب يتنزه عن الحلول، فهو في الحقيق لا يرضى بالحلول ولا يرضى بالاتحاد، فهو يريد الوحدة فهو لا يرضى بالحلول؛ لأن الحلول عندهم درجة صغيرة فكون الرب يحل في العبد فبعض الناس ممن يدعون الحلول وهم معاصرين يَدَّعون أن الله حل في علي بن أبي طالب، وبعضهم يقول من النصارى: أن الله حل في عيسى. ويقول: حل اللاهوت في الناسوت. اللاهوت يعني: الإله. والناسوت: يعني في الإنسان. النصارى يَدعون أن الله حل في عيسى، وبعض الناس تتدعي أنه حل في علي بن أبي طالب وبه خلع باب خيبر؛ لأن الله علي حل فيه.

لكن أنا أقول: أن الفرق بين الثلاثة: 

 الحلول لو أنت أحضرت كأس ووضعت به ماء يصير الماء حل في الكاس، فالكأس له حقيقة زجاج، أو حجارة، أو كما قيل وأن الماء له حقيقته (أكسجين-وهيدروجين) هذه حقيقتين متميزتين الماء حل في الإناء حقيقة الإناء ما تغيرت، وحقيقة الماء ما تغيرت فهما حقيقتان مختلفتان حلت أحدهما بالأخرى هذا باطل تنزه الله عما يقولون -وعلا علوًا كبيرًا-.

 الموضوع الثاني: لو أحضرت كأس ووضعت ماء وقلبت الماء بالسكر حقيقة الماء أكسجين وهيدروجين، والسكر مادة حلوة  لو خلطت الماء بالسكر يذوب ويكونان حقيقة واحدة هي حقيقة الماء السكري الماء الحلو، إذا وضعت في الإناء ماء مضغوط بالسكر وذاب فيه السكر عندك حقيقتان ألا أن الحقيقتان كونا حقيقة واحدة هي الماء السكري، لكن هل زالت لهما فارق حقيقة واحدة أم هي في الواقع يُمكن إرجاعها إلى حقيقة؟! يُمكن أن تُبخر الماء بوضع نار تحته يَطلع السكر لحاله، والماء لحاله، يطلع الماء عادي ليس به سكر، ويطلع الماء ما كانت أول مرة إذًا الاتحاد أشد من الحلول؛ لأن يجعل الحقيقتان كحقيقة واحدة إلا أنه يمكن فصل كل حقيقة وردها إلى أصلها.

 أما الاتحاد ما فيه فصل العبد مع الرب يكونان حقيقة واحدة لا ينفصل العبد عن الرب ولا الرب عن العبد، كما قال هو:

العبد رب والربُ عبدٌ **** يا ليت شعري من المكلَّف

وقد قال أيضًا:

وما الكلب والخنزير إلا إلهنا **** وما الله إلا راهب في كنيسة

في أبيات كثيرة يقول وابن كثير يترجم له عن ذكائه، وشيطنته هو يقول ومن تلاميذه الكبار ابن الفارض، وابن سبعين، وابن التلمساني، وهم رموز أهل وحدة الوجود وظهر في عصرنا رجلين يدينان بهذا ما أعرف غيرهما واحد في السودان قتله النميري واسمه (محمود طه) وهو الذي أعلن في هذه الأعوام التي مضت أنهم على مذهب أهل وحدة الوجود.

والأخر كان يأتي في التليفزيون اسمه (مصطفى محمود) طبيب أسنان وكان يتباهى بصحبته لمحمود طه وهم صديقان وهم يتبهان بأنهما من أهل وحدة الوجود وهذا من أردئ المذاهب التي عرفتها الإنسانية على الإطلاق.

اليهود قالوا: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ الله﴾[التوبة: 30]. والنصارى قالوا: ﴿إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ﴾[المائدة: 73]. لكن شر هؤلاء من يدمج حقيقة الألوهية مع حقيقة العبودية فيصير العبد رب، والرب عبد، هذا بالنسبة للسائل الذي سأل يعني أحدهما خير وهو العلم أبو بكر القاضي «كلُّ بَني آدَمَ خَطّاءٌ، وخيرُ الخطّائين التَّوابُون». فنحن مثل الجاهلين في عصرنا وغير عصرنا.

فقد سَمعت من بعض الناس في المدينة أنهم يُكفرون الحافظ ابن حجر بسبب أنه نقل بعض الأخطاء في العقيدة، كما كفروا النووي، فكان الذي يقول على الإمام ابن حجر كافر، وكان الشيخ ابن باز يحرص أن يقول الإمام ابن حجر وطبع نسخة [فتح الباري/ للإمام ابن حجر] عن طريق كاتب الشيخ بن باز، وهؤلاء يقولون من قال الإمام ابن حجر كافر، والذي يقول على الإمام النووي كافر، فهم هونوا بكلمة كافر وكأنها شرفة من العسل يتلذذون. 

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق