سؤال حول الغيبة والنميمة والتسامح

2020-04-06

حصل بيني وبين إحدى الجماعات نقاش، وانصرفت وقال في غيابي كلام تهديد وأنا لم أسمعه منه إلا وقد أتاني شخص آخر وقد قال إن هذا الشخص يهددك، فقلت له: تشهد على هذا؟! قال: نعم أشهد. وعندما طُلب للشهادة أنكر ذلك، والآن لم يُسلم علي وإذا قمت بدعوته للولائم لا يحضر، وأنا إنسان أُحب التسامح ولا أغضب من أحد. 

هذا هو المطلوب منك إن آذاك أحد واستطعت أن تعفو عنه، وتتجاوز هذا فضلُ كبير من الله -- لقوله -تعالى-: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾[الشورى: 43]. ومن أحسن ما يتقرب به العبد لله -- أن يعفو عن من ظلمه وخصوصًا إذا كان هذا الذي تعفو عنه، وقد عرفت شخص ما يحبني، وما حقد علي من ناحية الدين، ولكن حقد علي من جهة الدنيا وينتمي للعلم ويكره مجرد ذكر اسمي، والله أحاول مرات كثيرة إذا لقيته أسلم عليه لعل الله ينزع ما في قلبه ما في قلبه لكن عجزت، فأنا عليَّ أن أسعى وليس عليَّ إدراك النجاح، أنا عليَّ أبيت وليس في قلبي غل له ولا لغيره.

وقد ذكرت قصة الرجل الذي بشره النبي  بالجنة مرات ويقول: «يطلع عليكم من هذه الجهة رجل من أهل الجنة». ويطلع الرجل ونعله تحت أبطه متوضأ، ولحيته تنقط من الوضوء، وبعدين يُصلي ركعتين، ويسلم على الرسول ، ويطلع فلان، وفي الليلة الثانية يطلع فلان، ولما رآه عمرو بن العاص وقد نام عنده ثلاث ليالي لم يجده يقوم للصلاة بالليل فقد كان عمرو بن العاص من الصحابة المحافظين على الصلاة بالليل، والقيام وقال له: ما بيني وبين أبي شيء، ولكني سمعت رسول  يُبشرك بالجنة ثلاثًا ويقول: «يطلع عليكم من هذه الجهة رجل من أهل الجنة». وتطلع أنت، فيقول الرجل له: لا أبيت وفي قلبي غل من أحد من المسلمين.

فلا عليك إن جاء أحد وبلغك إن فلان قال عليك لا تصدقه؛ لأنه إما نمام، وإما كذاب، يعني نمام ينم ولا ينبغي لك أن تُصدق النمام، وقد جاء شخص لأبو بكر، أو كان واحد من الصحابة وقال أن فلان قال عليك شيء فقال له: إن كنت صادق الله يغفر لنا وله، وإن كنت كاذب لماذا تأتي؟ والنبي  كان يطلب من أصحابه أن لا يخبروه بشيءٍ عن أصحابه ليخرج إليهم وما في صدره شيء لأحد من المسلمين.

فلو واحد أساء إليك لا تضعها في قلبك ليوم القيامة، فإذا قرأت القرآن وجدت مواجهات الأنبياء أكرم خلق الله تعرض للأذى ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ﴾[القمر: 9]. ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾[يونس: 2]. ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾[الحجر: 6]. ما تركوا كلمة قبيحة إلا وأتوا بها أكرم عباد الله، والمرسلين، وإذا تاب الواحد منهم كأنه لم يكن عدو للإسلام، وتوجد أمثلة كثيرة على هذا القبيل، فاللذين كانوا أعداء لله، ورسوله لما دخلوا الإسلام صاروا أحب خلق الله لله، ورسوله  فالإنسان يحاول بقدر الإمكان، لكن الشيطان لا يتركنا أن نعفو عن من ظلمنا، ويوسوس لنا أن فلان يقول عليك، وأن فلان يُبغضك وبقدر طاقتك إذا عفوت عنه عفا الله عنك يوم القيامة، إذا سامحته سامحك الله، حاول أن تعفو ليعفو الله عنك يوم القيامة.

حاول أن تعفو ليعفو الله عنك، وطبعًا المسلم إذا أحسن لمسلم، أو حتى دعيت له بظهر الغيب يرد عليك ملك موكل من عند الله قائلًا: "ولك مثل ذلك". هذا الذي ينبغي لك، فاعمل بقدر ما تطيق من الخير، وعليهم جزاء ما يفعلون.

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق