ارتكبت جريمة تستوجب الحد في بلد لا يحكم بالشريعة فماذا علي؟

2020-04-06

أعيش في بلدٍ لا تحكم بأمر الله وارتكبت جريمة استحق عليها الرجم، وأنا مستعد لذلك، ومستعد لتطبيق حكم الله علي عسى أن يتوب الله علي، وهل لو أعلنت لكم عن نفسي واعترفت بجريمتي تستطيعون إقامة الحد علي؟.

لا تُعلن ولا تُحَدِث بذلك أحدًا أبدًا وأبكي على خطيئتك، أندم عليها، وتب إلى الله توبةً نصوحة ويكفيك هذا إن شاء الله، أنت إذا بكيت على خطيئتك محاها الله -- ففي إقامة الحد مصلحة كبيرة وبعدين كونك تُعرض نفسك وأنت تثقل على الناس، وتثقل على نفسك، فالشريعة لا تبحث عن المجرمين الذي زنا، وسرق حتى تقيم عليهم الحد، فلو ارتكب أحد جريمة فلا تبحث عنه، ولم يرد عن النبي ﷺ ولا عن أحد من الصحابة كان يسأل إن جاء تهمة لشخص ويسأله هل زنيت أم لا تزني؟

فالشريعة وضعت قاعدة لو جاء ثلاثة شهود عدول صادقون من أحسن الناس استقامة وقالوا: رأينا فلان يزني. وجب جلدهم كل واحد ثمانين جلدة، ويعتبروا فاسقين حتى لو كانوا صادقين ربنا سماهم فاسقين ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[النور : 4]. لكن إذا ضُبط بأربعة شهداء عدول لو أُخذ الرجل بشهادة أربع شهود بأن هذا زنا، فلا يشترط عليه أن يقول أنه زنا بفلانة، ولا يتحدثون عنها أيضًا، ولا يسأل الحاكم عن الذي زنا بها، لكن حديث العفيف الذي قرأته البارحة يقول قد زنا بامرأته المرأة صارت محددة معروفة والولد معروف، لكن الولد جاء واعترف عليه بكذا صارت عليه مائة أقام عليه الحد، لكن المرأة ما صار عليها كلام، وإذا لم تعترف فلا شيء عليها، فإن تابت توبة نصوحة وبكت على خطيئتها وندمت على فعلها وتمنت أن تموت قبل هذا الحادث ﴿يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾[مريم: 23]. فهذه يُرجى لها الخير، وكذلك الرجل طالما ندمت وعرضت نفسك إلى أن تقتل في سبيل الله لإقامة الحد أبشر بالخير، فلا تعلنها ولا تقول لقريب، ولا غريب.

استرها؛ لأنه من المجانة إذا ارتكب الرجل الجريمة وقد ستره الله ويُصبح ويقول قد فعلت كذا، وكذا فهذه مجانة، إنما إنسان عند حاكم شرعي وارتكب الجريمة فله الحق أن يقول للحاكم: طهرني. كما قال ماعز: طهرني. ومع ذلك لما ماعز أقر ورده النبي ﷺ أربع مرات، وقد جاء في الحديث [عن عبدالله بن عباس:] «لَمّا أتى ماعِزُ بنُ مالِكٍ النبيَّ ﷺ قالَ له: لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أوْ غَمَزْتَ، أوْ نَظَرْتَ قالَ: لا يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فَعِنْدَ ذلكَ أمَرَ برَجْمِهِ». و[عن حبة بن جوين:] عن عليٍّ: «أنَّ امرأةً أتَتْهُ فقالت: إنِّي زَنيتُ، فقال: لعلَّكِ أُتِيتِ وأنت نائمةٌ في فراشِك، أو أُكْرِهْتِ؟ قالت: أُتِيتُ طائعةً غيرَ مُكرَهةٍ. قال: لعلَّكِ غُصِبْتِ على نفْسِك؟ قالت: ما غُصِبْتُ، فحبَسَها، فلمّا ولَدَتْ وشبَّ ابنُها جلَدَها». فلما قال لها لعلك أُتيت وأنت نائمة؟ لعلك استكرهت على ذلك؛ لأنها لو كانت استكرهت فليس عليها أثم ولا معصية، ولو كانت مكرهةً بالقوة ما لها أي حيلة ولا معصية والنبي ﷺ يرده لعلك كذا، أبك جنون؟ لعلك شربت خمرًا ما تحرص الشريعة على أن يقيم عليه الحد، وكان يأمر الصحابة أن يستنكوهه بمعنى أنه شرب الخمر كل هذا ما يتم في الاعتراف.

ففي الشريعة الإسلامية ما نعلم في عصر الرسول أن أُخذ رجلٌ بالشهود في الزنا إنما كانوا يعترفون، ولما ماعز اعترف وتم اعترافه بعد أربع مرات ورجع فأمر النبي ﷺ برجمه ولما رجموه فحل من الفحول بدأ يرقد أمامهم إلى جهة الجنوب جهة قبى بالمدينة وهم وراءه بالحجارة، النبي ﷺ ما ذهب معهم اسبقته الحجارة واشتد حر الضرب فيه ووصل لحارة دار بياض الحارة التي على طريق الطالع لقبى التي عندها القلعة لما وصل إليها فرجموه حتى مات، فلما سمع النبي ﷺ بذلك قال: «هل رجمتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه». هذه شريعة الله.

فأنت استغفر ربك وتوب، ولا تتحدث أحدًا بهذه، ومن جهة أخرى أن يستر الله -- عليك، ومن جهة ثانية إن تبت تاب الله عليك، «فمن ابتلي بهذه القاذورات بشيء فأخذ به فكانت كفارة له، فإن تاب تاب الله عليه فإن مات ولم يتب فأمره إلى الله إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه».

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق