حكم من طلق زوجته ثلاثا
رجل يحب زوجته وأنجب منها أطفال وهم يحبون بعض حب شديد، وبيتهم طيب ومستقر، وكل شيء عندهم زين، لكن الشيطان تدخل فطلقها طلقة من ثلاثة سنوات ثم رجعها وعاشت معه، وفي هذه الأيام صار بينهم مشكلة فتغاضب فقال أنت طالق، فلدت عليه فقال أنت طالق فقال له صديقه كان باقي لك طلقتان؟.
أنا أفتي أن هذين الطلقتين، أو ثلاثة في لفظ واحد تقع كلها، ومذهب الشافعي، ومالك، وأحمد بن حبل، وأبو حنيفة، وكل أهل العلم على أن تقع ثلاث لا تقع واحدة، وتكلمنا في فقه الإسلام حديث طويل على حديث ابن عباس -- عن الطلاق بالواحدة «أنَّ أَبا الصَّهْباءِ، قالَ لاِبْنِ عَبّاسٍ: هاتِ مِن هَناتِكَ، أَلَمْ يَكُنِ الطَّلاقُ الثَّلاثُ على عَهْدِ رَسولِ اللهِ ﷺ، وَأَبِي بَكْرٍ واحِدَةً؟ فَقالَ: قدْ كانَ ذلكَ، فَلَمّا كانَ في عَهْدِ عُمَرَ تَتايَعَ النّاسُ في الطَّلاقِ، فأجازَهُ عليهم». ولكن في عهد النبي يقع واحدة، والحديث في أوله في السند يقول الراوي عنه: يا ابن عباس «هاتِ مِن هَناتِكَ». يعني من غرائبك التي خالطت فيها أصحاب محمد ، ومعنى ذلك أن اصحاب محمد مطبقون على أن الطلاق بلفظ واحد أطبق على الطلاق طلاق السنة وطلاق بدعة، وطلاق السنة قسمين: أحسن، وحسن.
فالأحسن: أن يطلقها في طهر لم تجامع فيه طلقة واحدة ويتركها حتى تنقضي عدتها هذا أحسن الطلاق، لكن لو طلقها طلقتين وقال لها: أنت طالق، أو طلقها طلقة. فلما حاضت وطهرت طلقها الطلقة الثانية، فلما حاضت وطهرت طلقها هذا أيضًا سنة هذا كله في الطلاق السني وهو الطلاق الحسن.
لكن لو قال لها: أنت طالق مرتين، أو طالق طلقتين، أو ثلاث في لفظ واحد، أو طلقها وهي حائض، أو طلقها بعد أن جامعها في الطهر فهذا كله يسموه العلماء طلاق البدعة، وأطبقوا على أنه يقع مع كونه عاصي آثم، فضاعت منه امرأته بسبب الجريمة والإثم الذي ارتكبها في حق الشريعة، فقد خالف أمر ربه، وعصى ربه وفَرط في زوجته، ولم يترك لنفسه سبيل للخير.
أما الغضب الذي لا يجعل الطلاق يقع، فبعض الناس يعتقد مثلًا لو قال لها: ناوليني الماء صار غضب فلا، فالغضب الذي يُغلق على الرجل فيه، ومعنى الإغلاق أنه ما يعي ما يقول، بمعنى أنه صار كالمجنون تمامًا، يعني لما انتهى من كلامه قال له الناس: أنت طلقت امرأتك. فيقول: ما طلقتها، ولا طلع مني لفظ الطلاق، ولا تفوهت به، فهم اللذين أعلموه لفظ الطلاق.
إذا كان الإنسان في حال الغضب قالها بهذه المثابة فلا يقع طلاقه، لو قال لها ألف طالق ما يقع، لأنه مُغلق والنبي قال: «لا طلاقَ في إغلاقٍ». إذا كان يقول لك لا يقع طلاق، فهو كان يعي لكن غضبان، وصورته مثلًا: أن ولده في خطر وممكن أن يقع في النار، أو في بئر وهو لا يعي أن ينقذه فهذا هو حال المغلق فهذا لا يقع طلاقة.
فإن كرر الطلاق وقال لها: أنت طالق فهي زوجته ومعها عيال، فإن ما تزوجها قبل ذلك بمعنى عدم الدخول، فإن قال لزوجته الغير مدخول بها أنها طالق وما دخل بها، ثم قال طالق، ثم قال: ألف مرة أنت طالق ما يقع إلا واحدة الأولى فقط؛ لأن لما قال طالق أصل ما لها عدة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾[الأحزاب: 49]. فالطلاق الثاني والثالث ما له محل، فهي ليست ملكه حتى يطلقها، مجرد أن طلقها أول مرة وخرجت من فمه، لكن إن كان بعقله سواء كان عندهم عيال، أو ليس عندهم عيال فقال: طالق. وبعد ذلك قال: طالق. وكان الغضب موجود بينهم فنقول له: أنت طبيب نفسك وحسابك على الله، فإن كنت أردت طلقة واحدة، وأردت التأكيد بالطلقة الثانية فلا تقع إلا واحدة، وإن أردت طلقتين تقع، والله أعلم.
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق