سيرة الشيخ
اسمه:
هو عبدالقادر بن شيبة الحمد بن يوسف شيبة الحمد الهلالي.
مولده:
ولد رحمه الله بمصر في كفر الزيات في عام 1339هـ، وقد توفيت والدته وعمره سنة ونصف فربَّته خالته التي تزوجت من والده بعد وفاة أختها، وقد تربى في تلك المنطقة وترعرع فيها حتى التحق بالأزهر فيما بعد.
نشأته الأولى:
نشأ رحمه الله في كفر الزيات بمصر، وقد التحق بالكتاب منذ الخامسة من عمره فأكمل فيه حفظ القرآن الكريم، وتعلم الحساب والإملاء والخط، وبقيَ كذلك حتى بلغ ستة عشر عامًا، وكانت نفسه توَّاقة إلى طلب العلم، وكان يجزع جزعًا شديدًا -كما يحكي عن نفسه- لعدم تمكنه من طلب العلم في الأزهر، وخوفًا من أن لا يُقبل فيه، حيث أن نظام الأزهر كان لا يقبل من بلغ السادسة عشر من العمر، فأخبر عمَّه برغبته فيسر له الرحيل إلى طنطا حيث التحق هناك بالمدرسة النظامية فدرس الابتدائية إلى الثانوية، وكان لنبوغه واهتمامه يقفز سنوات الدراسة حيث كان هذا النظام معمولًا به، فانتقل من الصف الثاني إلى الرابع بعد أن اختبر في مواد الصف الثالث وهكذا.
دراسته:
بعد أن انتهى من الثانوية التحق بكلية أصول الدين في الأزهر، وكان حريصًا على العلم، محبًّا له، راغبًا فيه، قوي الهمَّة في جمعه وتحريره، ويحكي عن نفسه أنَّه كان يدرس ويقرأ من ثماني عشرة ساعة إلى عشرين ساعة كل يوم! كما أنَّه كان كل صيف يحضر المقررات الدراسية للعام القادم فيدرسها ويحفظ ما يحتاج إلى حفظ منها، فعُرف بين المشايخ بالنُّبوغ والجد والاجتهاد، وكان قد انتقل من كلية أصول الدين إلى كلية الشَّريعة فأكمل دراسته فيها، ولما فتحوا التقديم للشَّهادة العالمية تقدم لها مع ثلاث مائة طالب فنجح منهم ثلاثة، كان أحدهم الشيخ عبدالقادر، وقد نال رحمه الله العالمية عام 1374هـ.
أعماله:
* كان الشيخ رحمه الله يدرس في مصر في بعض المدارس، وكان بداية تدريسه في مدرسةٍ في الزقاقيق مع دراسته في الأزهر فكان يجمع بين الاثنين؛ يذهب يوميا إلى الزقازيق ثم يرجع، وبقي يدرس في مصر قرابة عشر سنوات، ومع تدريسه كان يشغل منصب رئيس أنصار السُّنة هناك.
* انتقل الشيخ بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية، وعُين مدرسا بمعهد بريدة العلمي، وقد مُنح الجنسية السعودية، فبدأ يدرس في المعهد من عام 1376هـ، وكان من طلابه في ذلك المعهد: الشيخ صالح الفوزان -عضو هيئة كبار العلماء في السعودية-، والشيخ عبدالرحمن العجلان -المدرس بالمسجد الحرام-.
* بقي في المعهد ثلاث سنوات ثم عين مدرسًا بكليَّتي الشريعة واللغة العربية في الرياض عام 1379هـ، فدرَّس فيها التفسير وأصول الفقه والحديث، ومن طلَّابه في تلك الفترة: الشيخ عبدالله الغانم، والشيخ القاضي صالح اللحيدان، وغيرهم.
* في عام 1381هـ تأسست الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة فاختار لها المفتي آنذاك الشيخُ محمَّد بن إبراهيم ثلةً من العلماء ليدرسوا فيها، فكان ممن اختارهم الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله، فطلب الشيخ ابن باز من الشيخ محمد بن إبراهيم نقل الشيخ عبدالقادر بن شيبة الحمد والشيخ محمد الأمين الشنقيطي إلى الجامعة الإسلامية، فوافق على نقل الشيخ محمَّد ورفض نقل الشيخ عبدالقادر لحاجة الكلية إليه، ثم بعد عام ألحَّ الشيخ ابن باز على الشيخ محمد بن إبراهيم لنقل الشيخ عبدالقادر فوافق، وانتقل الشيخ عبدالقادر إلى الجامعة الإسلامية للتدريس فيها عام 1382هـ، وصار يدرس فيها حتى أحيل إلى التقاعد عام 1404هـ.
* في عام 1400هـ انتُدب الشيخ للتدريس في المعهد العالي للدعوة الإسلامية، وكان تابعا لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
* من أبرز أعماله الجليلة أنه درَّس في المسجد النبوي الشريف، وقد فسر في هذه السنوات القرآن كاملًا، ثم أعاد التفسير، ولم ينقطع عن دروسه حتى بعد أن تقاعد وانتقل إلى الرياض، حيث كان يتردد على المدينة ليلقي دروسه، واستفاد من دروسه طلبة العلم وزوَّار المسجد النبوي، وكانت طريقته رحمه الله ينتفع بها الجميع مع تفاوت مستوياتهم العلمية، فجمع بين التأصيل العلمي الدقيق، والأسلوب المشوِّق السهل، وقد شهد له طلابه وغيرهم بغزارة العلم، والتفنن في تسهيل المعلومة، فكان درسه منهلًا عذبًا يرد منه العلماء وطلاب العلم وزوار المسجد النبوي، فرحمه الله وغفر له.
وإضافة إلى قيامه بالتدريس والدعوة والتأليف، قد أُسندت إليه مهام وأعمال أخرى قام بها خير قيام:
* أم المصلين بالمسجد النبوي في شهر رمضان في صلاة التهجد عام 1406هـ وعام 1408هـ.
* قبل ذلك في عام 1384هـ انتُدب إلى باكستان للتعاقد مع المدرسين؛ لتدريس علم الحديث بالجامعة الإسلامية، فتعاقد مع الشيخ محمد حافظ كندلوي كبير علماء الحديث بالباكستان، والشيخ عبد الغفور محمد حسن من علماء دار الحديث بكراتشي، كما تعاقد مع بعض علماء اللغة العربية بالأردن للتدريس في الجامعة الإسلامية كذلك.
* في العام الذي يليه – أي 1385هـ- شارك في افتتاح جامعة بنارس في الهند نيابة عن الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
* شارك رحمه الله في أعمال التوعية الإسلامية بالحج لسنوات عدة، كما ألقى العديد من المحاضرات في مختلف مناطق المملكة.
* كما كان عضوا في هيئة الإشراف على المسجد النبوي الشريف برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن صالح رحمه الله.
صفاته:
عُرف الشيخ باتباع السُّنة منذ صغره، ونبذ البدع ونصح أهلها بالتي هي أحسن،
وكان ينكر المنكرات منذ صغره بفطرته، كالموالِد التي كانت تقام بطنطا -كما يحكيه عن نفسه – وكان ملازمًا للمسجد يصلي فيه رغم مرضه وتعبه وكبر سنِّه، يقول محمد المهنا: صليت في المسجد المجاور لبيته فلمَّا فرغنا من الصلاة رأيته يدب دبيبًا بمساعدة ابنه، فما وصل باب المسجد إلا بعد لأْي، كمان كانت قراءتُه للتراويح قراءةً تدبُّرية، وكان كثير التوقف ممَّا يعتريه من البكاء.
نتاجه العلمي:
للشيخ رحمه الله نتاجاتٌ عديدة بين مقروءٍ ومسمُوع، وقد بدأَ رحمه الله مسيرته في التأليف مبكرًا، وكان حين دخل الأزهر حافظًا للسيرة فكتب ملخصًا لها طُبعت عام 1357هـ تقريبا ولم يبلغ العشرين من عمره، فهو غزيرٌ تأليفه، سيَّالٌ قلمه، مدرارٌ حبره وعلمه، وقد تنوَّعت مؤلفاته بين الكتابة والتحقيق، ومن تلك المؤلفات:
تهذيب التفسير وتجريد التأويل.
فقه الإسلام شرح بلوغ المرام.
القصص الحق في سيرة سيد الخلق (ﷺ).
حقوق المرأة في الإسلام.
إمتاع العقول بروضة الأصول.
إثبات القياس في الشريعة الإسلامية والردّ على مُنكرِيه.
تفسير آيات الأحكام.
أضواء على المذاهب الهدّامة.
جمع بين كتاب فتح الباري شرح صحيح الإمام البخاري مع المتن برواية أبي ذر الهروي. حيث أثبت أتقن الروايات عند الحافظ وهي رواية أبي ذر الهروي عن مشايخه الثلاثة: المستملي، والسرخسي، والكشميهني، وقد وجد الشيخ عبدالقادر نسخة أبي ذر في قسم المخطوطات في مكتبة المسجد النبوي، ووصفها بأنها نسخة جيدة جداً، وذكر أنها كتبت بالخط المغربي وعلى غلافها توثيقاتها سنة 549هـ، ونسخة أخرى برواق المغاربة بالجامع الأزهر وذكر حصوله عليها في مقدمة تعليقه على الفتح.
تحقيق رسالة: تجريد التوحيد المفيد للمقريزي.
رسالة حول حديث حذيفة بن اليمان في التحذير من الفتن التي تقع في آخر الزمان.
قصيدة بعنوان “النصيحة” وشرحها بشرح سماه “بالروضة الفسيحة.
وقد أنشأ الشيخ مؤسسة خيرية تعنى بطباعة كتبه وغيرها وتوزيعها بالمجان على طلبة العلم في أنحاء العالم الإسلامي.
إضافة إلى التأليف قدم رحمه الله العديد من البرامج التوعوية عبر الإذاعة والتلفزيون إضافة إلى مشاركته في بعض برامج الإفتاء، وقد شارك في برنامج تلفزيوني مشترك مع الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رئيس المحكمة الكبرى بالمدينة المنورة – والشيخ عبدالمجيد حسن -مساعد رئيس المحكمة بالمدينة- ومن أشهر البرامج التي قدمها: (من وحي السماء) وكان بطلب من سمو أمير المدينة آنذاك الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز، وكذلك برنامج (قصص الأنبياء).
وفاته:
توفي رحمه الله في يوم الاثنين 22/9/1440هـ ، عن عمر ناهز المائة عام، وقد نعاه أهل العلم وطلبة العلم من كل مكان، وكذلك أعيان الناس من إعلاميين ومثقفين، فقد كتب الدكتور عبدالرحمن الحجيلي بعد وفاته فقال: “بوفاة الشيخ العلامة عبدالقادر شيبة الحمد هذا اليوم، وقبله فضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري فقد المسجد النبوي آخر مفسري القرآن الكريم الذين تناوبوا على حلقاته ما يزيد عن نصف قرن، اللهم ارحمهما وارفع درجتهما في عليين، وجازهما عن العلم وأهله خير ما جزيت العلماء”، وقال الشيخ سليمان الماجد: “رحم الله الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد، وأسكنه جنته وجزاه عن الأمة خير الجزاء وأخلف على أهله الصبر والسلوان” وقال الدكتور خالد الخشلان: “بعد عمر مديد قضاه في العلم والتعليم والدعوة والتوجيه رحل عن هذه الدنيا فاللهم اغفر له وارحمه”.
مصادر ترجمته:
1- أئمة الحرمين، لعبدالله بن أحمد آل علاف الغامدي. دار الطرفين (1075- 1079).
2- برنامج صفحات من حياتي، حيث كان المترجم له هو الضيف على مدى ثلاث حلقات.
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق