تحريم اتباع خطوات الشيطان

وفي هذا المقام الكريم من سورة البقرة يوصي الناس بالأكل من الطيب الحلال، ويحذرهم من عدوهم إبليس الذي يعمل على صدهم عن سبيل الله بتحريم الحلال وتحليل الحرام فيقول: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 168]، أي: ولا تستجيبوا له ولا تنقادوا إليه فيما يدعوكم إليه من معصية الله ومخالفة أمره، ولا تغتروا بما يزينه لكم من الفحشاء والمنكر، ولا تقفوا أثره فإنه فإنه لا يجر إلا إلى النار، فمن كان له عقل فإنه لا يمشي وراء العدو الذي أظهر العداوة للجنس البشري من لدن آدم، وتعهد بإفساد ذرية آدم، وأنه سيأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، وأنه سيزين لهم في الأرض ويغويهم، وقد أكّد الله تبارك وتعالى هذا المعنى وحذّر من اتباع خطوات الشيطان العدو المبين، وهي حبائله وخطراته ووساوسه وتزييناته وأعماله في مواضع كثيرة من كتابه الكريم، حيث قال في سورة البقرة أيضاً: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: 268]، وقال في سورة النساء: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 60]، وقال في سورة المائدة: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91].

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص360