كل وعيد على معصية بلفظ عام؛ فإنه يعم جميع مرتكبي هذه المعصية
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 174].
وقد وصف الله تبارك وتعالى هؤلاء (أهل الكتاب) هنا بأنهم يكتمون ما أنزل الله من الكتاب، وأنهم يشترون به ثمناً قليلا، ورتب على هذين الوصفين أربع عقوبات: الأولى أنهم يأكلون ما يأكلون في بطونهم إلا النار، والثانية أنهم لا يكلمهم الله يوم القيامة، والثالثة أن الله لا يزكيهم، والرابعة قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، ولا شك أن كل وعيد في كتاب الله عز وجل بلفظ عام على معصية من المعاصي فإنه يعم جميع مرتكبي هذه المعصية من أي جنس ومن أي لون، ولا سيما إذا لم يكن قد ثبت سبب صحيح لنزول الآية، أو ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تخصيص عمومها بحديث صحيح عنه، وحتى لو صحّ خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن أحد الصحابة في سبب نزول الآية الواردة بلفظ عام، ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تخصيص عمومها فإنّ القاعدة الأصولية المعتبرة عند أهل العلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وبهذا يكون الوعيد الوارد في هذه الآية الكريمة شاملاً لأهل الكتاب ولعلماء المسلمين ممن يكتم الحق المبين في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص370-371
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق