ظاهر سياق قوله تعالى: {قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}، يشعر أن قائل هذه المقالة كان مؤمناً بالله
قوله عز وجل: {قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 259]، ظاهر السياق الكريم يُشْعِر أنّ قائل هذه المقولة كان مؤمناً بالله مقراً به عز وجل، فيكون الاستفهام عن كيفية إحيائها بعد موتها، ولا يكون بذلك شاكاً في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، وإنما هو شبيه بقول إبراهيم عليه السلام الذي ذكره الله عز وجل عنه في الآية التي بعدها مباشرة حيث قال: {قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260]، وهو شبيه بقول زكريا عندما بشّر بيحيى عليه السلام الذي ذكر الله عز وجل عنه عندما بشّر بيحيى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 40]، وهو شبيه أيضاً بقول العذراء البتول مريم الذي ذكره الله عز وجل عنها بقوله تبارك وتعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 47]، غير أن هذه القائل لم يطلب أن يرى بعينه كيفية أحياء الموتى، وإنما يستفهم عن كيفية إحيائهم، وكان الجواب من الله عز وجل أن أراه الله عز وجل ذلك في نفسه وفي حماره الذي أماته الله عز وجل معه، ومما يؤكد أنه كان مؤمنا قوله عز وجل عنه في نهاية الآية: {قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 259].
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 2/194-195
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق