طلب ضم الأبناء والنساء في المباهلة؛ لأنه أتمّ في الدلالة على ثقة المباهِل بصدقه

2020-06-23
طلب ضم الأبناء والنساء في المباهلة؛ لأنه أتمّ في الدلالة على ثقة المباهِل بصدقه
الفائدة السبعون من لطائف قرآنية من تفسير سورة آل عمران من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول طلب ضم الأبناء والنساء في المباهلة؛ لأنه أتمّ في الدلالة على ثقة المباهِل بصدقه.

وقوله عز وجل: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61]، أي: فقل يا محمد لمن حاجّك في عيسى بعد هذه البينات: أقبلوا وتعالوا وهلمّوا نجمع أبنائنا وأبنائكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل أي: نتضرّع إلى الله في الدعاء فنجعل لعنة الله على الكاذبين، أي: نَقُل في دعائنا وضراعتنا وابتهالنا إلى الله: اللهم اجعل لعنتك على الكاذب من الفريقين.

وإنما طُلِبَ ضمُّ الأبناء والنساء في المباهلة لأنه أتمّ في الدلالة على ثقة المباهِل بحاله، ويقينه من صدق نفسه، حيث يعرِّض أعزته ومن يقدّمهم على نفسه للخطر لو لم يكن واثقاً من كذب خصمه، ولأجل أن يهلك خصمه مع أعزته جميعاً لو تمت المباهلة، وهذا من أبرز الأدلة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب النصارى وغيرهم ممن يفتري على الله الكذب، ولذلك امتنع نصارى نجران عن المبالهلة ولم يَرْوِ أحد قط لا من المسلمين ولا من النصارى أنهم أجالوا إلى المباهلة، بل أسلم بعضهم لله رب العامين، ودخلوا في دين الإسلام.

فعندما طلب الله  تبارك وتعالى من حبيبه ورسوله وسيد خلقه وإمام أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم أن يباهل نصارى نجران بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، وقرأ عليهم آية المباهلة، فخافوا أن يباهلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيقنوا أنّ ما جاء به هو الحق، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: جاء العاقب والسيد، صاحبا نجران، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن كان نبيا فلاعنا لا نفلح نحن، ولا عقبنا من بعدنا، قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث معنا إلا أمينا. فقال (لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين)، فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (قم يا أبا عبيدة بن الجراح) فلما قام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا أمين هذه الأمة).

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص389

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق