التوحيد هو الأصل الذي كانت عليه البشرية، والوثنية والشرك أمور طارئة
عامة المؤرخين غير المسلمين، وكذلك مقلدتهم من المؤرخين الإسلاميين يرون أن الوثنية سابقة على التوحيد في تاريخ البشر، تطبيقاً لنظرية التطور.
ويزعمون: أن الشمس في أثناء دورانها السريع حول نفسها انفصلت منها قطعة أحذت تبتعد عنها قليلاً قليلا، وتتخذ لنفسها مجرى كمجرى أصلها، وهذه القطعة هي الأرض.
ويدعون: أنه بطول الزمن برد سطح الأرض، وقد أحاطت بها المياه، وأنه بطول الزمن توالدت حيوانات مائية كهذه "الميكروبات" والحيوانات التي تتوالد من أي ماء آسن.
ويرون: أن من جملة هذه الحيوانات البحرية كان الإنسان، ثم بمرور الزمن الطويل أخذ هذا الحيوان المائي يخرج إلى شواطئ البحار ويرعى الحشائش النابتة عليها، ثم استطاع هذا الحيوان أن يتطبع بطباع البر وأن يعيش فيه طول حياته.
ثم يزعمون: أن هذا الحيوان بعد فترات طويلة من التاريخ استطاع أن يتميز عن كثير من الحيوانات البرية الغابية وأنه صار يستعمل أنواعاً من الآلات كالحجارة ونحوها؛ فارتفع وارتقى عن باقي الحيوانات التي لم تتميز بذلك.
ثم يزعمون كذلك: أن الإنسان عرف الدين في هذه العصور النائية من التاريخ البشري وإن كانوا يختلفون في كيفية تدينهم أول مرة إلا أنهم متفقون على أن الوثنية قد سبقت في تاريخه "أي الإنسان" التوحيد.
وبهذا تكون الوثنية سابقة للتوحيد، وبالنظر المجرد لهذه الآراء نرى أن أصحاب هذه النظريات لا يؤمنون بفاطر السموات والأرض، ولا يصدقون بأي كتاب سماوي؛ إذ الكتب السماوية المؤيدة بالمعجزات الحسية والعقلية قد قررت أن الله خلق الأرض وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها ثم خلق السموات، وأنه خلق الملائكة المكرمين ثم خلق الجان من نار السموم، ثم خلق آدم أبا البشر من تراب فسواه بيده على هذه الصورة الكريمة المستوية، وأسجد له ملائكته، وأخرج له من ضلعه زوجة له هي أمنا حواء، وأنه أمره أن يسكن هو وزوجته الجنة قائلاً: {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}، وقال له: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}.
وقال له آنذاك: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}. فهبط آدم أبو البشر إلى الأرض نبياً كريماً مؤمناً بالله وحده يعبده لا شريك له ويدعو إلى إخلاص التوحيد له.
وقد استمر هذا التوحيد الحق هو دين ذرية آدم إلى الأمة التي بعث إليها نوح عليه السلام، فقد انحرفت هذه الأمة عن التوحيد إلى عبادة الأوثان.
الأديان والفرق: ص14-16
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق