حرمة تمكين المشركين من الهيمنة على المساجد

2020-09-26
حرمة تمكين المشركين من الهيمنة على المساجد
اللطيفة الثلاثون من تفسير سورة التوبة من كتاب تجريد التأويل للشيخ عبد القادر شيبة الحمد حول حرمة تمكين المشركين من الهيمنة على المساجد.

قال تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 17-18].

هذا بيان للناس بعدم أهلية المشركين من العرب والعجم للهيمنة على المساجد التي هي بيوت الله التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه، والتي بوأ لإبراهيم خليل الرحمن مكان أول بيت وضع للناس وهو المسجد الحرام، وأمره أن يقيمه ويعمره ويطهره من جميع النجاسات الحسية والمعنوية كما قال عز وجل: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]، وقال عز وجل: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26]، وقال عز وجل: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور:36]. وحرَّم جميع أنواع الشرك ومظاهره في جميع المساجد؛ فقال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18].

ومعنى قوله عز وجل: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: 17]، أي: ما يجوز أن يمكّن المشركون سواء كانوا عرباً أو عجماً وسواء كانوا معاصرين لنزول هذه السورة أو يجيئون بعد ذلك إلى آخر الزمان من الهيمنة على المساجد سواء كان ذلك ببنائها أو التحكم فيها والتسلط على عمّارها من المسلمين لأن المشركين وجميع أنواع الكفار مقرون على أنفسهم بالكفر.

فلو سألت المشرك عن دينه لأجاب بأنه مشرك وأنه يعبد كذا وكذا، ولو سألت اليهودي عن دينه لأخبرك بأنه يهودي، ولو سألت النصراني عن دينه لأخبرك بانه نصراني، وكذلك جميع أهل الكفر من جميع الديانات وما داموا كذلك فهم غير مؤهلين للسيطرة على المساجد التي هي بيوت الله عز وجل المرفوعة لعبادته وحده لا شريك له.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص67-68-69

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق