تعارض الدليلين أمام المجتهد
اختلف العلماء فيما يفعله المجتهد إذا تعارض أمامه الدليلان، ولم يترجح لديه واحد منهما.
فقال الحنابلة وأكثر الحنفية وأكثر الشافعية: يتوقف. واحتجوا بأن عدم التوقف يؤدي إلى المحال أو التحكم؛ لأنه إما أن يعمل بالدليلين فيكون جامعاً بين المتناقضين، وإما أن يلغي الدليلين فيكون وضعهما عبثاً، وهو محال شرعاً، وإما أن يعمل بأحدهما على التعيين فيكون ترجيحاً بلا مرجح، وإما أن يعمل بأحدهما لا على التعيين، بل على التخيير فيكون تخيراً بين المحرم والمباح مع أن المحرم يأثم فاعله والمباح لا يأثم فاعله، وذلك جمع بين النقيضين.
على أن في التخيير بين الموجب والمبيح رفعاً للإيجاب فبصير عملاً بأحد الدليلين وهو تحكم ظاهر الفساد.
وقال بعض الشافعية وبعض الحنفية: يكون المجتهد مخيراً في الأخذ بأيهما شاء بدعوى: أنه لا يمكنه العمل بهما معاً لما فيه من التناقض، ولا يمكنه إسقاطهما، لأنه إبطال لأدلة الشرع من غير موجب، ولا يجوز التوقف إلى غير غاية فإن فيه تعطيلاً للنصوص وقد لا يقبل الحكم التأخير فلم يبق إلا التخيير.
والتخيير بين الحكمين مما قد يرد شرعاً، كخصال الكفارة التوجه إلى جدران الكعبة أيها شاء لمن دخلها.
والمختار الأول؛ لأن التخيير في خصال الكفارة وجدران الكعبة لا يؤدي إلى الجمع بين النقيضين بخلاف الدليلين المتعارضين وليس في التوقف إسقاط للدليلين ولا ترجيح لأحدهما بلا مرجح بل ينتظر حتى يظهر المرجح؛ لأن الواقع أن أدلة الشرع لا يمكن أن تتعارض في نفس الأمر.
إمتاع العقول بروضة الأصول: ص137
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق