النهي عن التنطع في الدين
وقد ابتدع النصارى الترهب وشدّدوا على أنفسهم فيه على حد قوله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}، وقوله تعالى: {إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ}، استثناء منقطع، أي: لم نفرضها عليهم لكنهم ابتدعوها من قبل أنفسهم اجتهاداً منهم في طلب مرضاة الله فصاروا كمن أجهد نفسه في السير وانبتَّ فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، ولذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن التشدد والتنطع في الدين، ويأمر بالرفق وبالتيسير، ولذلك لما بلغه أن بعض أصحابه تأثروا من خطبة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاجتمعوا في بيت بعض الصحابة وعزموا أن لا يأكلوا اللحم ولا يقربوا النساء ولا يمسوا الطيب، فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وكذلك قصة الثالثة الرهط الذين أتوا بيوت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا، وقال آخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم، فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).
قصص الأنبياء: ص364-365
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق