حكم نكاح الزاني من العفيفة، والعفيف من الزانية
وقد اختلف أهل العلم في حكم نكاح الزاني من العفيفة ونكاح العفيفة من الزانية: فذهب أحمد بن حنبل إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة نصوحة.
واستدل بقوله تعال: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، وبقوله تعالى: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}، وبقوله جل جلاله: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}. وقد نسب هذا القول إلى أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعائشة والحسن وإبراهيم النخعي وبعش الشافعية، وقد روى أن محدوداً في الزنا تزوج غير محدودة ففرق بينهما علي رضي الله عنه.
وكما أنه لا يجوز عقد العفيف على الزانية ولا الزاني على العفيفة فكذلك إذا زنى أحد الزوجين فرق بينهما إذا كان الآخر عفيفاً.
وذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي وكثير من الفقهاء إلى أنه يجوز أن ينكح الزاني العفيفة، وأن تنكح الزانية العفيف، وحملوا النكاح في الآية على الوطء، أو على أن الآية منسوخة بقوله بعدها: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، على أن الزانية دخلت في أيامى المسلمين، أو أن النفي في الآية على معنى لا يليق فيكون للتنزيه.
تفسير آيات الأحكام: ص224-225
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق