فائدة الإجابة على زكريا بقوله تعالى: {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}، وعلى مريم بقوله: {قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}

ومما يلفت الانتباه أن زكريا عليه السلام لما قال: {رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} [آل عمران: 40]، أجيب بقوله: {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}، وأنَّ مريم عليها السلام لما قالت: {رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [المائدة: 47]، أجيبت بقوله: {كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}، ولا شك أن ولادة العذراء من غير أن يمسها بشرٌ أبدع وأغرب وأظهر وأدل على القدرة من ولادة عجوز عاقر من زوج بلغ من الكبر عتيّا، لذلك جاء البيان البليغ في جانب إيجاد عيسى بقوله: {يَخْلُقُ}، وفي جانب إيجاد يحيى بقوله: {يَفْعَلُ}، لأن الخلق ينبئ عن الاختراع والإيجاد وهو أنسب بهذا المقام من مطلق الفعل الذي وقع في جواب تعجّب زكريا عليه السلام.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 2/372