إذا اختلف أهل العصر على قولين فهل يجوز للعصر الذي بعده إحداث قول ثالث؟

2020-06-28
إذا اختلف أهل العصر على قولين فهل يجوز للعصر الذي بعده إحداث قول ثالث؟ ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز إحداث قول ثالث؛ لأنه يوجب نسبة الأمة إلى تضيع الحق، إذ لو كان الحق في القول الجديد لكان أهل العصر السابق قد ضيعوه وخلا العصر عن قائم لله بحجته.

إذا اختلف أهل العصر على قولين فهل يجوز للعصر الذي بعده إحداث قول ثالث؟

ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز إحداث قول ثالث؛ لأنه يوجب نسبة الأمة إلى تضيع الحق، إذ لو كان الحق في القول الجديد لكان أهل العصر السابق قد ضيعوه وخلا العصر عن قائم لله بحجته.

وذهب بعض الحنفية وبعض الظاهرية والشيعة إلى أنه يجوز إحداث قول ثالث مستدلين بما يلي:

  1. أن الأولين لو استدلوا بدليل أو عللوا بعلة لجاز الاستدلال أو التعليل بغيرهما فكذلك هنا
  2. أن الأولين خاطوا في المسألة مجتهدين ولم يصرحوا بتحريم قول ثالث فيها.
  3. أن الاولين لو اختلفوا في مسالتين فذهب بعضهم الى التحريم فيهما وذهب بعضهم الى الجواز فيهما لجاز لمن بعدهم أن يقول بالجواز في إحداهما و بالتحريم في الأخرى وهو قول ثالث.

وذهب بعض أهل العلم الى التفصيل فقالوا: إن كان القول الجديد خارقا لم اتفق عليه أهل العصر السابق فإنه لا يجوز كما لو قال أحد: إن الأخ يسقط الجد من الميراث إذ إن الصحابة اختلفوا فيه على قولين فقط فقال بعضهم: إن الأخ يشارك الجد، وقال الباقون: إن الجد يسقط الأخ.

فلو قال أحد بعدهم: إن الأخ يسقط الجد كان قولاً جديداً خارقا لما ذهبوا اليه.

أما اذا كان القول الجديد غير خارق فانه يجوز، كما لو اختلفوا في مسألتين فذهب بعضهم إلى الجواز فيهما، وقال الباقون: بالتحريم فيهما؛ فإنه يجوز لمن بعدهم أن يقول بالجواز في إحداهما و بالتحريم في الأخرى مع أنه قول ثالث.

ومثال ذلك: مسألة أكل الصيد للمحرم إذا لم يُصد له، ومسألة متروك التسمية عمداً فقد قال قوم: بالجواز فيهما، وقال قوم: بالتحريم فيهما، فلو قال أحد بعدهم بالجواز في واحدة و بالتحريم في أخرى كان قولاً ثالثاً وهو جائز.

و هذا التفصيل هو المختار؛ لأن الأمة لم تجتمع فيه على خطأ.

الإجماع السكوتي:

تعريفه: هو أن يقول بعض المجتهدين قولاً في حكم الحادثة، أو فعلاً ويسكت باقي المجتهدين مع اشتهار ذلك القول أو الفعل فيهم.

ولا نزاع عند أهل العلم على أنه إن دلت قرائن الأحوال على أن الساكتين راضون فإنه يكون إجماعاً يحتج به.

 كما أنه لا نزاع عندهم على أنه إن دلت قرائن الأحوال على أنهم ساخطون فإنه لا يكون إجماعا. أما إذا عدمت القرائن الدالة على الرضا أو السخط فقد اختلف أهل العلم في ذلك:

فقال قوم: إنه يكون إجماعاً؛ لأن التابعين كانوا إذا أشكل عليهم مسألة فنقل إليهم قول صحابي منتشر مع سكوت الباقين لم يُجَوِّزُوا العدول عنه.

ولأنه لو لم يعتبر هذا إجماعا لتعذر وجود إجماع، إذ لم ينقل إلينا قول جميع علماء العصر مصرحاً به في كل مسألة.

وقال قوم: لا يكون إجماعاً؛ لأن فتوى المجتهد إنما تُعلم بقوله الصريح و لا ينسب لساكت قول.

ولأن عمر رضي الله عنه شاور الصحابة في مال فضل عنده فأشار بعضهم بتأخير القسمة وإمساك المال إلى وقت الحاجة، وعلي رضي الله عنه ساكت حتى سأله فأشار عليه بقسمة الفضل.

و لأنه قد يسكت من غير إضمار الرضا لمانع في نفسه، أو أنه يرى المصلحة في عدم المسارعة بالإنكار، أو أن المسألة تحتاج منه إلى نظر وتأمل، أو أنه قد يسكت للمهابة، كما قيل لابن عباس ما منعك أن تخبر عمر بقولك في العول؟ فقال: درَّتَه.

والقول الأول هو المختار؛ لأنه يلزم على الثاني نسبة المجتهدين الى تضييع الحق، ولأن شرط التكلم من الكل متعسر والمعتاد أن يقول البعض الفتوى ويسلم باقيهم، ولو كان الحكم عنده مخالفاً لكان السكوت محرما عليه.

أما قول المخالف: لا ينسب إلى ساكت قول، فغير مسلَّم، فقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن البكر سكوتها.

وأما سكوت علي فقد يكون لأنه يرى قول غيره حسناً في ذاته إلا أنه أشار على عمر بقسمه الفضل صيانة عن القيل والقال.

وأما حديث الدرَّة فقد نصوا على أنه لا يصح، وقد كان عمر رضى الله عنه لينا في جانب الحق([1]).

 

 

 

 

[1]- روضة الأصول ص60-62.

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق