مستند الإجماع
مستند الإجماع:
جمهور أهل العلم لا يجوِّزون الإجماع إلا عن دليل أو أمارة؛ لأنه بدون السند يكون حكماً بلا دليل. وفائدة الإجماع مع وجود الدليل صيرورة الحكم قطعياً وتحريم المخالفة وسقوط البحث عن حالة السند. وعامة أهل العلم على أنه يجوز أن يكون خبر الواحد سنداً للإجماع.
وقد اختلفوا في استناد الإجماع إلى اجتهاد أو قياس؛ فذهب جمهور أهل العلم على جوازه عقلاً ووقوعه شرعاً، فقد انعقد الإجماع على خلافة أبي بكر رضي الله عنه قياساً على إمامته في الصلاة حتى قيل: رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ديننا أفلا نرضاه لأمر دنيانا؟
وكذلك أجمعوا على تحريم شحم الخنزير قياساً على لحمه، وكذلك أجمعوا على عدم القضاء في حالة الجوع والعطش الشديدين قياساً على الغضب المنصوص عليه في الحديث المتفق عليه من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان).
وذهب داود الظاهري وابن جرير الطبري والشيعة إلى منع ذلك بدعوى أن الإجماع قطعي فلا يُبتنى إلا على قطعي؛ ولأن القياس مختلف فيه فكيف يكون مستنداً للإجماع.
والقول الأول هو الصحيح؛ لأن إفادة الإجماع لقطعية الحكم ليست بالنظر إلى مستنده، وإنما هو حجة قطعية لذاته لأن الأمة معصومة عن أن تجتمع على ضلالة.
ولو اشترط كون سند الإجماع قطعياً لقلّت فائدة الإجماع، إذ يكون الحكم ثابتاً قبله قطعاً بالدليل القطعي.
وأما كون القياس مختلفاً فيه فإنه لا يضر إذ إنه يمكن أن نفرض المسألة في الصحابة، والصحابة لم ينقل عنهم خلاف في القياس، ولو فرضناهم من غير الصحابة فإنه يمكن أن يستدل بالقياس من يقول به ويستدل بالاجتهاد في نفس الحكم من ينفي القياس فيحصل الاتفاق على الحكم مع الاختلاف في طريق الاستدلال عليه.
أقسام الإجماع:
ينقسم الإجماع إلى قطعي وظني.
فالإجماع القطعي هو: ما نقل إلينا توتراً دون اختلاف فيه، كأن يكون قولياً انقرض عصر المجمعين عليه دون مخالف.
والإجماع الظني هو: ما نقل إلينا آحاداً أو كان مختلفاً فيه.
وذهب بعض أهل العلم إلى رد الإجماع المنقول آحاداً بدعوى أن الإجماع دليل قاطع يحكم به على الكتاب والسنة.
وهذا مردود لأننا لم نجعل الإجماع المنقول بخبر الواحد قطعياً يحكم به على القطعي من الكتاب والسنة.
وإنما الإجماع المنقول بخبر الواحد كالحديث المنقول بخبر الواحد من حيث إن من سمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم يكون قطعياً في حقه وإن كان ظنياً في حق من ينقل إليه بطريق الآحاد.
على أن الإجماع الظني أقوى من النص الظني؛ لأن النص الظني يحتمل النسخ بخلاف الإجماع.
الأخذ بالأقل ليس إجماعاً:
إذا اختلف أهل العلم في مسألة على أقوال زيادة ونقصاً، فإنه لا يعتبر الآخذ بالأقل متمسكاً بالإجماع كالاختلاف في دية الكتابي، وقد قال قوم: إنها كدية المسلم. وقال قوم: إنها على النصف من دية المسلم.
فالأخذ بالثلث لا يعتبر تمسكاً بالإجماع؛ لأنه لو كان إجماعاً لحرمت مخالفته ولكان الآخذ بالمماثلة أو بالنصف خارقاً للإجماع([1]).
[1]- إمتاع العقول بروضة الأصول ص62-64.
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق