الأصول المختلف فيها - الضرب الثاني من الأدلة النقلية: التنبيه والإيماء إلى العلة

2020-06-28

الضرب الثاني من الأدلة النقلية: التنبيه والإيماء إلى العلة وهو ستة أنواع:

  1. أن يذكر الحكم مقترنا بالفاء عقيب وصف فيدل على التعليل بالوصف، نحو: قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، ونحو : {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، ونحو :{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]، ونحو قوله صلى الله عليه وسلم: ( من بدل دينه فاقتلوه)، لتضمنه السببية .

ويلحق بهذا القسم ما رتبه الصحابي بالفاء من حكاية فعل النبي صلى الله عليه وسلم نحو : (سها رسول الله ﷺ فسجد)، ونحو : (رضخ يهودي رأس جارية فأمر به رسول الله ﷺ أن يرض رأسه بين حجرين)؛ لأن الصحابي من أهل اللغة فلا ينقل ما لا يفيد التعليل بلفظ التعليل وإلا كان غير أمين على نقل الدين.

  1. ترتيب الحكم على الوصف بصيغة الجزاء، فإن ذلك يدل على التعليل إذ إن الشروط اللغوية في معنى الأسباب، نحو: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30]، ونحو: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [ الطلاق: 2]، ونحو قوله صلى الله عليه وسلم: (من اتخذ كليا - إلا كلب ماشية أو صيد - نقص من أجره كل يوم قيراطان).
  2. أن يسأل سائل النبي ﷺ عن حكم حادثة فيجيب، فيدل على أن المذكور في السؤال هو علة الحكم، كما روي أن أعرابياً أتى النبي ﷺ فقال: هلكت وأهلكت. قال: ماذا صنعت؟ قال: واقعت أهلي في نهار رمضان. فقال: (أعتق رقبة). فيكون الوقاع هو سبب عتق الرقبة ، إذ الجواب عن سؤال متضمن لنفس السؤال فكان السؤال معاد في الجواب.
  3. أن يذكر مع الحكم سبباً، لو لم يعتبر هذا السبب علة للحكم لكان لغوا غير مفيد، يجب أن يصان كلام الشارع عنه. وهو ضربان:

الضرب الأول: أن يستفسر النبي صلى الله عليه وسلم لدى السؤال عن أمر ظاهر يتعلق بسؤال سائل ثم يذكر الحكم عقيبه، كما سئل رسول الله ﷺ عن بيع الرطب بالتمر فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا : نعم. قال: (فلا إذن).

الضرب الثاني: أن يعدل في الجواب إلى نظير محل السؤال كقوله صلى الله عليه وسلم - لما سألته الخثعمية عن الحج عن الوالدين - : (أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان بنفعها؟، قالت: نعم، قال: (فدين الله أحق بالقضاء).

  1. أن يذكر في سياق الكلام شيئا لو لم يكن للتعليل لصار الكلام غير منتظم كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان)، فإنه تنبیه على التعليل بالغضب، إذ النهي عن القضاء مطلقاً دون التعليل لا يكون منتظما.
  2. أن يذكر الحكم مقرونا بوصف مناسب، فيدل على التعليل به، نحو: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13]، أي: لبرهم، ونحو: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 4]، أي: لفجورهم.

القسم الثاني من الأدلة التي تثبت بها العلة، الإجماع.

نحو قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان)، فإن التعليل بالغضب ثابت بالنص، وقد أجمعوا على أن علة المنع من القضاء وهو غضبان اشتغال قلبه عن الفكر والنظر في القضية، فيقاس عليه اشتغاله بجوع أو عطش أو خوف أو نحو ذلك([1]).

.

 

 

[1]- إمتاع العقول بروضة الأصول: ص125-126.

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق