توحيد الله مقرر في الفطر الجبلات

2019-12-02
الفطر في توحيد الله وإقرار أنه رب كل شيء ومليك كل شيء وسيد كل شيء والمعبود الحق الذي لا يجوز أن يتوجه العبد بطرفة عين إلى غيره تبارك وتعالى من العبادة هذا مركوز في الفطر.

ووفد نصارى نجران وإن كان الخطاب في الآيات عام، يعني ما هي نصيحة لنصارى نجران لكي يدخلوا في الإسلام وحدهم، بل هي نصيحة، كل ما نزل في هذه السورة وغيرها من الآيات هو نصيحة لنصارى نجران ولليهود ولبقية النصارى في العالم وللمشركين وللمؤمنين والمسلمين إلى يوم القيامة، يعني هي نصيحة عامة من الله عز وجل لجميع الخلائق، الذين يكلفون ويسألون أمام الله يوم القيامة ويكونون من أهل النار أو من أهل الجنة، يكونون من أهل النار أو من أهل الجنة.

وبدأها –الآيات- بدأها بذكر أنه نزل التورة نزل الإنجيل نزل القرآن، وطبعًا هذه الكتب السماوية المشهورة المتوارثة التي اتبعها فئام وأمم كثيرون من الخلق، وإن كان الإنجيل قد حُرّف بعد رفع المسيح عليه السلام بأيام قليلة، وإن كانت التوراة قد دخلها التحريف {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ الله} لكن في أصول موجودة، في أصول التوحيد موجودة في التوراة والإنجيل، ما هو النصارى يقولوا الإله الأب والابن والروح القدس إله واحد؟ يعني جاعلين ثلاثة، الأب والابن والروح القدس يجعلونهم إله واحد؟ يضمونهم في إله ويجعلونهم؟ واليهود يقولوا عزير ابن الله؟ لكن كلهم في الأصل يقولوا لا إله إلا الله.

ولذلك في التوراة: "اعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب إلهًا واحدًا"، وفي بعض الأناجيل نفس النص [الي] موجود في التوراة، فالإله الواحد مذكور مقرر، وإن كان هو مقرر في الفطرة والجبلة، كون الإله الأعظم خالق السماوات والأرض المهيمن على كل شيء المدبر لكل شيء القائم على كل شيء هو رب السماوات.. هذا [....] في الفطر والجبلات.

الحيوانات تعرف ذلك الطيور تعرف ذلك الحشرات تعرف ذلك، لو نطقت الحشرات لصرّحت بذلك، ولذلك الهدهد لما رأى ملكة سبأ تسجد للشمس جاء لسليمان يقول له {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} يعني فطرة الهدهد أبت أن يشرك بالله وأن يكفر بالله وأن يتخذ مع الله ويلوم جماعة سبأ أن يعبدوا الشمس من دون الله فيتحزّن ويتحسّر ويتوجّع ويتفجّع ويقول {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}، هذه نصيحة طائر نصيحة طائر ينصح فيقرر توحيد الله.

وساق الله لنا قصته وعرّفنا الله أن هذا الهدهد قال كذا وعرفه سليمان الذي عرف عندما تحدثت النملة ونصحت قومها وقالت {يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.

فالفطر في توحيد الله وإقرار أنه رب كل شيء ومليك كل شيء وسيد كل شيء والمعبود الحق الذي لا يجوز أن يتوجه العبد بطرفة عين إلى غيره تبارك وتعالى من العبادة هذا مركوز في الفطر، حتى فرعون يعرف ذلك وحتى أبو جهل يعرف ذلك، حتى فرعون، فرعون الذي أراد أن يغرر قومه ويقول لهم {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} مجرد تغرير وتضليل، يقول لهه موسى {لقد علمت}، {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} يقول له لقد علمت، أنت قلبك مطمئن أن هذه آيات من عند الله، أنت وقومك ما تقدرون عليها، ولذلك السحرة أهل العلم والخبرة في السحر  بمجرد رأوها خروا لله ساجدين، لأنهم عرفوا أنها ليست من مقدور البشر وإنما هي من مقدور خالق القوى والقُدَر لا إله إلا هو، هذا واحد.

وأبو جهل في قلبه كما أشار الله عز وجل في سورة الأنعام عندما قال {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} لما يقولوا عليك ساحر وشعر وكاهن ومجنون ومعلم، قال له {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ..}، لا يكذبونك قلوبهم مطمئنة أنك رسول الله {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} ومثل ما قال {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} وقال في آية أخرى {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}.

فتوحيد الله مركوس في فطر الخلائق، مؤمنها وكافرها، كلهم في [...] ..، لو تركوا على الفطرة لعبدوا الإله الحق وحده، (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه)، يحرفونه عن الدين الحق إلى الدين الباطل.

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق