الكلام إذا سيق على سبيل الشرط لا يقتضي الوقوع

ومعنى قوله -عز وجل-: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88]، أي: ولو اتخذ واحد من هؤلاء الصالحين نداً لله -عز وجل- لأبطل الله -تبارك وتعالى- جميع أعماله الصالحة التي سبقت هذا الإشراك، كما قال -عز وجل-: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]، ولا شك أن الأنبياء معصومون من الشرك، وقد جاء هذا التحذير بأسلوب الشرط، والكلام إذا سيق على سبيل الشرط لا يقتضي الوقوع.
قال ابن كثير رحمه الله: وهذا شرط، والشرط لا يقتضي جواز الوقوع، كقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}، وكقوله: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ}، وكقوله: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص17