الفرق بين وحدة الوجود، والاتحاد، والحلول

2020-04-06

يسأل، ويقول: ذكرتم بالأمس الفرق بين وحدة الوجود، والاتحاد، والحلول، ولكنكم لم تفصلوا ذلك.

ذكرت البارحة أن الذي يقول الله في كل مكان نؤمن بأن الله فوق العرش ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾[الفرقان: 59]. ونحن أهل السنة والجماعة نؤمن بأن الله فوق عرشه وأن عرش الله محيط بكل خلقه، والله فوق العرش، وهو يحمل العرش وحملة العرش بيد الله وحده يفعل ما يشاء، نحن نثبت ما أثبته الله لنفسه من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تعطيل، ولا تكييف نقول كيف، ولا تفويض يُثبت ما أثبته الله -- من غير تمثيلٍ، ولا تشبيهٍ، ولا تعطيل، ولا تأويلٍ، ولا غير ذلك على الوجه الذي يليق به -- وضربنا لذلك أمثلة لا حصر لها.

طبعًا أنا قلت أن المسلمين، والأنبياء كلهم لهم أعداء، بعضهم أعداء ظاهرين، وبعضهم أعداء مستترين كالمنافقين، بُلي الإسلام في أول الدهر: (بعبد الله بن سبأ اليهودي). وقد ذكرت قصته كثيرًا، ولما ذهبوا للبصرة أتى بتسعة عشرة من الرجال واقفين على باب المسجد في الكوفة ولما خرج علي من باب المسجد في صلاة الفجر وقال للرجال أن يقولوا لعلي أنت الله، أنت هو، فإذ هم يقولون أنت الله. ولا يزال أمة من الناس يقولون: لا إله إلا علي بن أبي طالب، أشهد أن لا إله إلا حيدرة بن أنزه 2:27 لا يزالون.

وظهر رجلٌ مغربي الأصل من الأندلس، وجاء إلى فلسطين وجاء لجبل جاسيون ونزل الشام، وجاء بعقائد، وعبادات لا يعرفها الإسلام هذا الرجل صار عند بعض المغفلين من الصوفية، وأصحاب الخرافات صار عندهم هو الإله الأكبر وهو: محي الدين هذا وهو مُميت الدين ابن عربي الحاتمي هذا في كتاب ابن كثير في [البداية والنهاية] يقول له:" كفرٌ صُراح لا يَقبل التأويل بحال ولكن ابن الذكي عليه احتمال ولكل ما يقولون عنده احتمال". كل كلمة يقولوها يفسروها على هواهم هذا كلام ابن كثير (وابن الذكي) قبيلة كانت تسكن في الشام.

ويقول: "وما الكلب والخنزير إلا إلهنا، وما الله إلا راهب في كنيسة". وهذا الكلام المنصوص ومطبوع والذي يوزعوه المغفلين وهم يظنون أنهم يُحسنون العلم، وما الكلب والخنزير إلا إلهنا، وما الله إلا راهب في كنيسة فيقولون معناه وما الكلب والخنزير إلا إلهنا يعني إلى الدنيا، "وما الله إلا راهب في كنيسة". يعني معناه أن قلب المسلم هو الذي يسع الله فذا حديث موضوع لا يسعني إلا قلب المؤمن وكذب على الله، وكذب على رسوله مع أن الكلب والخنزير يُحشرون يوم القيامة مستدلين بقوله -تعالى-: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾[التكوير: 5]. والغنم والبقر كله يُحشر «يُقتصُّ للجمّاءِ منَ القرناءِ يومَ القيامةِ». ثم تكون ترابًا ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾[النبأ: 40]. ويتمنى الكافر أن يكون ترابًا، لكن  5:12 فجاء هو بمذهب وحدة الوجود لكن صار في عصرنا هذا واحد في السودان وواحد في مصر، الذي في مصر (مصطفى محمود)، والذي في السودان (محمود طه) وقد قتله النميري وهم اللذين يُحيون مذهب وحدة الوجود، وقد ذكرت أن الناس ثلاثة مذاهب في هذا وقد وجدت في الواقع أن كبار علماء المذاهب لا يفقهونه، ما يُفرقون بين الحلول، وبين الاتحاد، وبين الوحدة.

الوحدة: ما في ذات رب وما في ذات عبد ما في إله ومخلوق عند أهل وحدة الوجود ما في خالق ومخلوق يقول:

العبد رب والرب عبد
     

 

يا ليت شعري من المكلف
 

ويقول: "وكنت امرءًا من جند إبليس فارتقى بي الحال حتى صار إبليس من جندي". نحن لا ندعي الكذب عليه فالكتاب موجود ومطبوع، ثم قال: فرعون كان مُصيب لما قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾[النازعات: 24]. وكان مخطئًا لما قال: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾[القصص: 38]. أن كل الكون آلهة كل الموجود من العمود، والعصا، والكلب، والخنزير آلهة عندهم هذا ابن عربي، فهذا أهل وحدة الوجود ما عندهم رب وعبد، الكل عبدٌ والكل ربٌ فهو يقول:

العبد رب والرب عبد
     

 

يا ليت شعري من المكلف
 

وحدة الوجود ما في حقيقتان، ما في ذاتان ذات للرب، وذات للعبد.

أما الاتحاد فيه ذاتان: ذات الرب، وذات العبد، لكن يتحدوا، فكما ذكرت البارحة لو أحضرت سكر وأذابته في الماء السكر مع الماء لما تشربه يكون ماء حلو، هل هو من مادة واحدة أم من مادتان؟ من مادتان مادة الماء ومادة السكر، أنت ممكن أن تُعيد كل مادة لحالها تأتي بمبخر وتبخر الماء فالماء يكون على جنب والسكر يرجع لحاله وما يكون في حلى، يعني ممكن انفصال شيئين عن الاتحاد، يقول: اتحد العبد مع الرب، اتحد الناسوت مع اللاهوت والناسوت هو عنصر الإنس مع اللاهوت يعني مع عنصر الإله.

أما الحلول أقلهم؛ لأن الحلول عندهم حقيقتان منفصلتين تأتي بماء وتضعه بالكوب حقيقة الكوب غير حقيقة الماء ممكن بسهولة تسكب الماء ويبقى الكوب لحاله منفصل عن حقيقة الماء وليس مثل الاتحاد.

الاتحاد اندمجت الحقيقتان في حقيقةٍ واحدة لا يمكن فصلهما.

أما الوحدة ما فيها اتحاد ما في حقيقتين، أو كل حقيقة واحدة كما قال القائل:

العبد رب والرب عبد
     

 

يا ليت شعري من المكلف
 

المذهب الثاني شر لكن أخف منه وهو أن حقيقة الرب اندمجت مع حقيقة العبد وهذا كذب على الله ورسوله، وكفرٌ بالله ورسوله.

المذهب الثالث مذهب الحلولين: وهذا المذهب موجود في أغلب بلاد العرب، وقد ذكرت أن إمبراطور اليابان يعتقدون: اليابانيون أن الله حل في الإمبراطور، و 9:18 يعتقدون أن الله حل في اللامة، وبعض النصارى يعتقدون: أن الله حل في المسيح كما يدعي بعض المنتسبين أن الله حل في علي وهذا المذهب شرٌ كبير ولكنه أخف المذاهب الثلاثة، وابن عربي لما قال في قصيدته المشهورة:

 

لها صلوات بالمقام أقيمها
 

 

وأشهد فيها أن فيها لي صلتِ
 

ولم تكن صلاتي لغيري
 

 

حقيقة بالجمع في كل سجدة
 

 

ثم يقول:

تنزه عن قول الحلول عقيدتي

 فيقولون: يرضى بالحلول ولا يرضى بالاتحاد، ولا يرضى بالوحدة، هو لا يرضى إلا بالوحدة؛ لأنها فترة قصيرة، ولا يرضى بالاتحاد؛ لأنها أقل من الوحدة، فيرضى أن يكون وحدوي على مذهب ابن عربي قبحهم الله جميعًا، هذا هو الفرق بين الاتحاد، وبين الحلول، وبين الوحدة

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق