تخطى إلى المحتوى

ثمرات الإيمان والتقوى

بعد أن وصف الله تبارك وتعالى اليهود بقبائح الصفات التي يتصفون بها، مما يقتضي أنهم يستحقون كل أنواع الذم، وما بينه عز وجل من تهجين طريقتهم الداعية إلى تنفير كل ذي عقل من ولايتهم؛ بين في هذا المقام أنهم لو تابوا إلى الله لتاب الله عليهم؛ لأنه عز وجل جواد کریم واسع المغفرة، وأن الإيمان يجبُّ ما كان قبله، فلو آمن أهل الكتاب وخافوا ربهم لجمع لهم سعادتي الدنيا والآخرة، فكفّر عنهم سيئاتهم التي اقترفوا ولو كانت مثل زبد البحر وأسكنهم جنات النعيم، كما أنه عز وجل يفيض عليهم من برکات السماء والأرض حتى يأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، وفي هذا لفت انتباه للدعاة إلى الله عز وجل ألا تحملهم معاصي الناس وعظائم جرائمهم على ترك دعوتهم، وأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، وقد سلك الله عز وجل في دعوتهم إليه طريق الترهيب والترغيب ليتأسى بذلك الدعاة إلى الله.

جمالية الأمثال في القرآن

لا شك أن المقصود من ضرب الأمثال هو تأثيرها العظيم في القلوب، وأنها أبلغ في تقريب الحقائق وإيضاحها من الوصف وحده، والنفس تحرص على معرفة ما احتواه المثل وينتقش فيها؛ لأن الغرض من المثل هو تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد فيتأكد الوقوف على ماهيته، ويصير الحس مطابقة للعقل.

جمالية الأمثال في القرآن

لا شك أن المقصود من ضرب الأمثال هو تأثيرها العظيم في القلوب، وأنها أبلغ في تقريب الحقائق وإيضاحها من الوصف وحده، والنفس تحرص على معرفة ما احتواه المثل وينتقش فيها؛ لأن الغرض من المثل هو تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد فيتأكد الوقوف على ماهيته، ويصير الحس مطابقة للعقل.

سنة الصراع بين الرسل وأقوامهم

بعد أن ذكر الله تبارك وتعالى أنه أرسل شعيبًا -عليه السلام- إلى قومه مدین، وأنه أمرهم بإخلاص العبادة لله وحده، وأن الله عز وجل أيده بالبينات التي يؤمن على مثلها البشر، وأنه أمرهم بإيفاء الكيل والميزان، ونهاهم أن يبخسوا الناس أشياءهم، ونهاهم عن الإفساد في الأرض بعد إصلاحها، ونهاهم عن قطع الطريق وإخافة المارة، كما نهاهم عن الصد عن سبيل الله وعن حرصهم على سلوك الطريق المعوّج والمنهج غير الرشيد، وذكرهم بنعم الله عليهم، وخوفهم أن يصيبهم ما أصاب المكذبين بالرسل قبلهم كقوم نوح وقوم هود وقوم صالح، وما قوم لوط منهم ببعيد، وتوعدهم بأن الله يفصل بين الفريقين فينصر أولياءه ويهلك أعداءه.

شرك المحبة أساس كل شرك

وقد ضرب الله تبارك وتعالى في هذا المقام الكريم من سورة البقرة مثلًا من أمثلة انحراف بعض الناس عن صراط الله المستقيم، وتعلقهم بأنداد وشركاء الله عز وجل حتى صاروا يحبونهم حبًا يعادل حبهم لله رب السموات والأرض مع أن العاقل لا يرضى أبدًا أن يساوي في حبه بين من أوجده من العدم ومنحه كل النعم، وبين مخلوق ضعيف لا يملك له نفعًا ولا يدفع عنه ضرًا.

عقوبة عدم الإيمان

ونحول قلوبهم وأعينهم فلا يفقهون بقلوبهم، ولا يبصرون بأعينهم ما يرونه من الأدلة والبراهين؛ فيستمرون على ما كانوا عليه من العناد والمكابرة، ولا ينتفعون بما اقترحوا من الآيات إذا جاءتهم، فلا يؤمنون بها كما أنهم لم يؤمنوا بما أيّدنا به

رسولنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- من الحجة العظمى وهي القرآن الكريم، وما شاهدوه من انشقاق القمر، حيث كانوا كلما شاهدوا آية أعرضوا وقالوا سحر مستمر، وكذبوا واتبعوا أهواءهم؛ فخذلناهم وتركناهم في ضلالهم يتحيرون ويترددون، عقوبة لهم على عنادهم ومكابرتهم، فإن السيئة تجلب السيئة كما أن الحسنة تجلب الحسنة.

عقوبة من يكتم العلم

ذكرت في تفسير الآية التاسعة والخمسين بعد المائة من هذه السورة المباركة أن الله تبارك وتعالى ذكر في مقامات من هذه السورة: أن أهل الكتاب یکتمون الحق وهم يعرفونه؛ محذرًا من سلوك طريقهم في هذا السبيل، وأنه حذّر المسلمين في هذه الآية المباركة، أعني الآية التاسعة والخمسين بعد المائة، أشدّ التحذير من أن يسلكوا مسلك أهل الكتاب فيكتموا شيئًا من العلم والبينات والهدى التي بينها الله في القرآن، وأن من كتم شيئًا من ذلك استحق لعنة الله ولعنة اللاعنين من الملائكة والمؤمنين إلا من تاب وأصلح وبين.

عقيدة أهل السنة في رؤية الله

وقد أخبر الله عز وجل أن الكفار محجوبون عن رؤية الله يوم القيامة، وقد أشار الله عز وجل إلى أن رؤية المؤمنين جنات النعيم هي أعظم لذات الجنة؛ حيث يقول: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، فقد فسَّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزيادة في الآية بأنها النظر إلى وجه الكريم، وأنه ما أعطاهم شيئًا هو أحب إليهم من النظر إليه کما رواه مسلم في صحيحه من حديث صهیب رضي الله عنه، وكما قال عز وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22-23].

فاتحة التوحيد

قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، قال ابن کثیر -رحمه الله- في تفسيره: "أي لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو کمال الطاعة، والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين.
وهذا كما قال بعض السلف: الفاتحة سير القرآن، وسرُّها هذه الكلمة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فالأول: تبرؤ من الشرك، والثاني: تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إلى الله عز وجل.

في ظلال آية الكرسي

هذه آية الكرسي وهي أعظم آية في كتاب الله، وقد جعل الله تبارك وتعالى فيها وضمّنها ما لم تتضمنه آية واحدة أخرى في كتاب الله عز وجل، وما تضمنته إنما تتضمنه آيات كثيرة لا آية واحدة، وقد جعل الله تبارك وتعالى فيها من الخصائص الشيء الكثير ما صحت بذلك الأخبار عن رسول الله ﷺ.