في قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ}، إنما وقع التمثيل بين الإيمانين لا بين المؤمَن به
وقوله عز وجل: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} [البقرة: 137]، أي: فإن صدّق اليهود والنصارى وقالوا آمنا بالله وبالقرآن وبصحف إبراهيم وما أنزل على إسماعيل وما أُتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون، وأذعنوا لذلك وانقادت له نفوسهم فصدّقوا بذلك مثل ما صدقتم وأقرّوا بمثل ما أقررتم به أيها المؤمنون؛ فقد وفقوا ورشدوا واستقاموا وسلكوا طريق الحق، وهو حينئذ منكم وأنتم منهم حيث دخلوا في ملتكم والتزموا بشريعتكم، ومما يتحتَّم أن لا يخطر على البال أن المقصود: فإن آمنوا بمثل الله الذي آمنتم به، فإن الله تعالى ليس له مثيل ولا ندٌّ ولا نظير ولا شبيه ولا شريك، كما أنه لا مثيل للقرآن ولا نظير.
قال ابن حجر رحمه الله: فإن صدّقوا مثل تصديقكم بما صدقتم به من جميع ما عددنا عليكم من كتب الله وأنبيائه فقد اهتدوا، فالتشبيه إنما وقع بين التصديقين والإقرارين اللذين هما إيمان هؤلاء وإيمان هؤلاء، كقول القائل: مَرَّ عمرو بأخيك مثل ما مررت به، يعني بذلك: مرّ عمرو بأخيك مثل مروري به، والتمثيل إنما دخل تمثيلاً بين المرورين لا بين عمرو وبين المتكلم، فكذلك قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا}، إنما وقع التمثيل بين الإيمانين لا بين المؤمَن به.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص294-295
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق