ثبوت صفة الكلام لله تبارك وتعالى

2020-06-22
ثبوت صفة الكلام لله تبارك وتعالى
الفائدة المائة وواحد وتسعون من لطائف قرآنية من تفسير سورة البقرة من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول ثبوت صفة الكلام لله تبارك وتعالى.

قوله عز وجل: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 174]، هذه هي العقوبة الثانية التي توعّد الله بها من كتم الهدى، ولا شك أن أهل السنة والجماعة يثبتون صفة الكلام لله عز وجل على الوجه الذي يليق برب العزة والجلال، ومن كلامه تبارك وتعالى القرآن الذي سمعه جبريل من الله عز وجل، وألقاه على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان: 27]، وكما قال عز وجل: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109].

وكما أشار الله عز وجل إلى أنه يسلم على المؤمنين في الجنة بكلام يسمعونه فيسعدون به سعادة فوق سعادتهم بنعيم الجنة، حيث يقول جل وعلا: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 55-58].

ولما كان كلام الله تبارك وتعالى لأهل الجنة كلام تحية ورحمة وتكريم فإنه عز وجل يحرم من هذا الكلام أعداءه فلا يكلمهم بما يدخل عليهم سروراً وتكريما، ولذلك كان كلام الله عز وجل لموسى عليه السلام من أعلى درجات التكريم حتى وصف موسى عليه السلام بأنه كليم الله كما قال عز وجل: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253]، وكما قال عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164].

وإذا كان كلام الرب جل وعلا تكريماً لأوليائه فإنه يحرم منه من غضب عليهم، ولذلك قال في هذا المقام الكريم في الذين يكتمون الحق الذي بينه الله في الكتاب ولا يتوبون ولا يبيّنون ولا يصلحون قال: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 174]، ولا شك أن الكلام المنفي هنا هو ما كان لتكريمهم، أما ما كان لتيئيسهم من رحمته ولتوبيخهم على كفرهم به فإنه غير مراد في هذا المقام الكريم.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص372-373

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق