مذهب أهل السنة في الوعيد الوارد على المعاصي التي دون الكفر

2020-06-22
مذهب أهل السنة في الوعيد الوارد على المعاصي التي دون الكفر
الفائدة المائة واثنان وتسعون من لطائف قرآنية من تفسير سورة البقرة من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول أن مذهب أهل السنة في الوعيد الوارد على المعاصي التي دون الكفر.

وأهل السنة والجماعة يعتبرون مثل هذه الآية الكريمة ({إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[البقرة: 174])، وهذا الحديث الشريف: (ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرارٍ، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: (المسبل، والمنّان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)، وفي رواية له: (المسبل إزاره وثوبه أسفل من الكعبين للخيلاء).

فبعضهم يجريها على ظاهرها تحذيراً وتخويفاً، كقوله عز وجل في قاتل المؤمن عمداً بغير حق: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]، وكقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبها وهو مؤمن).

وبعض أهل العلم يفسرون مثل هذه النصوص فيقولون في قوله عز وجل في قاتل المؤمن عمداً: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، أي: إن جازاه بعدله فعل به ذلك، وقد يتفضل عليه بفضله فيعفو عنه لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. فجميع المعاصي التي لا يحكم بكفر صاحبها خاضعة لمشيئة الله إن شاء غفر وإن شاء عذب، وإن يعذّب فبعدله وإن يغفر فبفضله.

ويقولون في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) الحديث. أي: وهو كامل الإيمان، فإن المعاصي تنقص الإيمان حتى يُخْشى ذهابه.

وهذا من فضل الله وتوفيقه لأهل السنة والجماعة، حيث لم يضربوا بعض النصوص ببعض بخلاف أهل الأهواء المنحرفين عن مذهب أهل السنة والجماعة، الذين يكفرون المؤمنين بالذنوب التي دون الشرك، أو يرجئون فيزعمون أنه لا تضر مع الإيمان معصية مهما كانت.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص374-375

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق