سر نصب {وَالصَّابِرِينَ} وقطعه في الإعراب عما قبله؛ لإظهار فضل الصبر على الشدائد
وقوله عز وجل: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} [البقرة: 177]، فيه لفت انتباه لمنزلة الصابرين المؤمنين بقضاء الله وقدره المحتسبين ما يصيبهم عند الله عز وجل، وقد جاء التنبيه بنصب الصابرين على المدح، وقطعهم في الإعراب عما قبلهم، وهذا شبيه بقوله عز وجل في الإشعار بعلوّ منزلة المصلّين: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء: 162]، فقد كان نسق الكلام أن يقال: والمقيمون الصلاة، بالرفع عطفاً على قوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}، فقطع النسق ونصب المقيمين الصلاة على المدح والاختصاص.
وكذلك هنا كان مقتضى النّسق أن يقال: والصابرون في البأساء والضراء وحين البأس بالرفع عطفاً على قوله: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا}، فلما قطع النسق ونصبه على المدح عُرف أن المقصود هو لفت الانتباه إلى علو منزلة الصابرين في هذه المواطن الثلاثة وهي البأساء والضراء وحين البأس.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص385-386
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق