جواز البيع والشراء في موسم الحج

2020-06-22
جواز البيع والشراء في موسم الحج
الفائدة المائتان وثمانية وخمسون من لطائف قرآنية من تفسير سورة البقرة من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول جواز البيع والشراء في موسم الحج.

قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 198-199].

بعد أن ذكر الله تبارك وتعالى في الآية السابقة أول مناسك الحج وهو الإحرام به بقوله: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197]، وحذر من الرفث والفسوق والجدال فيه، وحضّ على فعل الخير في هذا العمل الصالح الذي صار أحد أركان الإسلام الخمسة، وعالج أحد الأمراض السلوكية في الإنسان الذي يزعم التوكل على الله فيحج بغير زاد مع أن أسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة ولا خبزاً، فأرشد هؤلاء الذين يسلكون هذا الطريق المعوج إلى الصراط المستقيم، حيث أمرهم بالتزود بما تحتاجه أجسامهم في موسم الحج، كما أمرهم بالتزود بتقوى الله التي تسعدهم في الدنيا والآخرة.

شرع هنا في هذا المقام الكريم يعالج سلوكاً آخر من سلوك الإنسان المتّبع لهوى نفسه في التحريم والتحليل، حيث كانوا يتأثمون من البيع والشراء وهم حجّاج، فأرشد الله تبارك وتعالى المؤمنين إلى جواز البيع والشراء في موسم الحج، وأن الاتجار في الحج لا ينافي إخلاص العبادة لله تبارك وتعالى ما دام التاجر محافظاً على مناسك الحج، مقيماً له على الوجه المشروع، مريداً بحجه وجه الله عز وجل.

وأن حضوره الموسم ليس لمجرد التجارة، وإنما يتّجر طلبا للفضل من الله والاستعانة على ما يحتاجه لمعاشه ومعاده، وهذا شبيه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يستطع الباءة من الشباب أن يصوم، والصيام لا يقبل إلا إذا كان خالصاً لوجه الله كسائر العبادات.

ولكنّ هذه العبادة الخالصة تشتمل على منافع لدنيا الإنسان وقمع شهوته الجنسية، فلذلك أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الشباب، لأن تعاليم الإسلام لنفع بدن الإنسان وروحه، فالاتجار لا يضر مناسك الحج، والأعمال بالنيات.

وقد قال ابن جرير رحمه الله في تفسير هذه الآية: حدثنا طليق بن محمد الواسطي، قال: أخبرنا أسباط، قال: أخبرنا الحسن ابن عمرو، عن أبي أمامة التيمي قال: قلت لابن عمر: إنا قوم نُكْرى، فهل لنا حجّ؟ قال: أليس تطوفون بالبيت، وتأتون المُعَرَّف وترمون الجِمَار، وتحلقون رؤوسكم؟ فقلنا: بلى! قال: جاء رجل إلى النبي: صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني عنه، فلم يَدْرِ ما يقول له، حتى نزل جبريل عليه السلام عليه بهذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} إلى آخر الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنتم حُجَّاجٌ).

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 2/16-17.

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق