لا معارضة بين تقسيم الناس إلى مؤمن وكافر، وبين تقسيمهم في مطلع سورة البقرة إلى: مؤمن، وكافر، ومنافق

2020-06-22
لا معارضة بين تقسيم الناس إلى مؤمن وكافر، وبين تقسيمهم في مطلع سورة البقرة إلى: مؤمن، وكافر، ومنافق
الفائدة المائتان وثمانية وستون من لطائف قرآنية من تفسير سورة البقرة من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول أن لا معارضة بين تقسيم الناس إلى مؤمن وكافر، وبين تقسيمهم في مطلع سورة البقرة إلى: مؤمن، وكافر، ومنافق.

قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 204-205-206-207].

بعد أن ذكر الله تبارك وتعالى صنفين من الناس أحدهما لا همّ له إلا الدنيا، ولا يتعلق قلبه بغيرها، والثاني مسترشد بنور الإسلام وهدي الذين الحنيف، فهو يعمل للآخرة ولا ينسى نصيبة من الدنيا، ذكر هنا صنفين من الناس أحدهما منافق عليم اللسان، والثاني باع نفسه ابتغاء مرضاة الله عز وجل، يحرص على الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله.

ولا شك أن القسم الأول من هذه الأقسام الأربعة ينطبق على المشركين الذين يقرون بربوبية الله ويعبدون معه غيره، والقسم الثالث ينطبق على المنافقين الذي يكتمون الكفر ويعلنون الإسلام.

أما القسم الرابع فهم المؤمنون، ولا معارضة بين هذا التقسيم للناس في هذا المقام وتقسيمهم في مطلع سورة البقرة إلى ثلاثة أقسام: مؤمنين وكافرين صرحاء الكفر ومنافقين، إذ أن المؤمنين ينقسمون إلى قسمين: أصحاب الدرجات العلى من السابقين، وبقية المؤمنين من أصحاب اليمين، ولذلك يجمع الله الكافرين والمنافقين معاً في جهنم كما قال: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140]، وكما قال عز وجل: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأنفال: 37].

ولذلك قسّم الله تبارك وتعالى الناس يوم القيامة ثلاثة أقسام، فجعل جميع الكافرين والمنافقين مع اختلاف نحلهم ومذهبهم قسماً واحدا، وجعل المؤمنين قسمين، حيث يقول في مطلع سورة الواقعة: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة].

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 2/28-29

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق