شهادة الله لنفسه بالألوهية ما نصبه من الأدلة الدّالة على استحقاقه للعبادة

2020-06-23
شهادة الله لنفسه بالألوهية ما نصبه من الأدلة الدّالة على استحقاقه للعبادة
الفائدة السادسة عشر من لطائف قرآنية من تفسير سورة آل عمران من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول أن شهادة الله لنفسه بالألوهية ما نصبه من الأدلة الدّالة على استحقاقه للعبادة.

ومعنى: {شَهِدَ اللَّهُ} [آل عمران: 18]، أي: قضى بذلك وحكم ووصّى وأخبر بكلامه وبما أقام في خلقه من آياته في السموات وفي الأرض وفي الأنفس.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولا ريب أن الله ألزم الخلق التوحيد وأمرهم به، وقضى به وحكم، فقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23]، وقال: {أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: 2]، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} الآية [النحل: 36]، وقال تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [النحل: 51]، وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[البينة: 5]، وهذا كثير في القرآن، يوجب على العباد عبادته وتوحيده، ويحرّم عليهم عبادة سواه، فقد حكم وقضى أنه لا إله إلا هو، ثم قال رحمه الله: وشهادة الرب وبيانه وإعلامه يكون بقوله تارةً، وبفعله تارة، فالقول هو ما أرسل به رسله، وأنزل به كتبه، وأوحاه إلى عباده، كما قال: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: 2]، وقد علم بالتواتر والاضطرار أن جميع الرسل أخبروا عن الله أنه شهد أن لا إله إلا الله هو بقوله وكلامه.

وأما شهادته بفعله فهو ما نصبه من الأدلة الدّالة على وحدانيته التي تعلم دلالتها بالعقل، وإن لم يكن هناك خبر عن الله، وهذا يستعمل فيه لفظ الشهادة والدلالة والإرشاد، فإن الدليل يبيّن المدلول عليه ويظهره، هو بمنزلة المخبر به الشاهد به، كما قبل: سل الأرض من فجّر أنهارها وغرس أشجارها، وأخرج ثمارها، وأحيا نباتها، وأغطش ليلها، وأوضح نهارها، فإن لم تجبك حواراً أجابتك اعتباراً، وهو سبحانه شهد بما جعلها دالّة عليه فإن دلالتها إنما هي بخلقه لها، فإذا كانت المخلوقات دالة على أنه لا إله إلا هو، وهو سبحانه الذي جعلها دالة عليه فإن دلالتها إنما هي بخلقه، وبيّن ذلك فهو الشاهد المبيّن بها أنه لا إله إلا هو، وهذه الشهادة الفعلية ذكرها طائفة، قال ابن كيسان: {شَهِدَ اللَّهُ}، بتدبيره العجيب وأموره المحكمة عند خلقه أنه لا إله إلا هو.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 2/318-319

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق