جمهور أهل السنة على أن الله تعالى رفع المسيح إلى السماء بجسده وروحه

2020-06-23
جمهور أهل السنة على أن الله تعالى رفع المسيح إلى السماء بجسده وروحه
الفائدة الرابعة والستون من لطائف قرآنية من تفسير سورة آل عمران من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول جمهور أهل السنة على أن الله تعالى رفع المسيح إلى السماء بجسده وروحه.

وقوله عز وجل: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55]، أي: وعندما مكر اليهود وجاءوا مع جنود الرومان لأخذ المسيح عليه السلام لقتله قال الله عز وجل لعيسى عليه السلام: إني سألقي عليك النوم وأرفعك إلى السماء واخلّصك من اليهود الكافرين الحاقدين الحاسدين، وجمهور أهل السنة والجماعة على أن الله تعالى رفع المسيح إلى السماء بجسده وروحه، ويفسّرون التوفي في قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، بأنه إلقاء النوم عليه إلى أن رفعه الله إلى السماء، على حدّ قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42]، وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: 60]، أي: ينيمكم بالليل، ويعلم ما اكتسبتم بالنهار.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجلين تنازعا في أمر نبي الله عيسى ابن مريم فقال أحدهما: إن عيسى ابن مريم توفاه الله ثم رفعه إليه، وقال الآخر: بل رفعه إليه حيا. فما الصواب في ذلك. وهل رفعه بجسده أو روحه أم لا؟ وما الدليل على هذا وهذا؟ وما تفسير قوله تعالى {إنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إلَيَّ}؟

فأجاب: الحمد لله، عيسى عليه السلام حي وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا وإماما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية)،  وثبت في الصحيح عنه: (أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق وأنه يقتل الدجال). ومن فارقت روحه جسده لم ينزل جسده من السماء وإذا أحيي فإنه يقوم من قبره.

وأما قوله تعالى {إنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} فهذا دليل على أنه لم يعن بذلك الموت؛ إذ لو أراد بذلك الموت لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين؛ فإن الله يقبض أرواحهم ويعرج بها إلى السماء فعلم أن ليس في ذلك خاصية. وكذلك قوله: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، ولو كان قد فارقت روحه جسده لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء أو غيره من الأنبياء. وقد قال تعالى في الآية الأخرى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}[النساء: 157-158] فقوله هنا: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} يبين أنه رفع بدنه وروحه كما ثبت في الصحيح أنه ينزل بدنه وروحه؛ إذ لو أريد موته لقال: وما قتلوه وما صلبوه؛ بل مات ا ه.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 2/384-385

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق