الرضاع المُحَرِّم هو ما كان خَمْسَ رضعات مشبعات

2020-06-24
الرضاع المُحَرِّم هو ما كان خَمْسَ رضعات مشبعات
الفائدة الثامنة والأربعون من لطائف قرآنية من تفسير سورة النساء من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول أن حكمة الرضاع المُحَرِّم هو ما كان خَمْسَ رضعات مشبعات.

وقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23].

وقد ورد الرضاع في هذه الآية الكريمة مطلقاً لم يُقيَّد بمقدار معيَّن، وقد قيَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الإطلاق بأن المصة والمصتين لا تُحرِّم، وأن الرضاع المُحَرِّم هو ما كان خمس رضعات مشبعات، وقد جعل الله تبارك وتعالى من وظائف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيِّن للناس ما نزِّل إليهم حيث يقول عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، بيانه صلى الله عليه وسلم للذكْرِ يشمل تقييد المطلق وإطلاق المقيد وتخصيص العموم وبيان المجمل، وقد أخرج مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى  الله عليه وسلم: (لا تُحَرِّمُ المصَّة والمصَّتان). كما أخرج مسلم من حديث أم الفضل رضي الله عنها قالت: دخل أعرابي على نبي الله صلى الله عليه وسلم، وهو في بيتي، فقال: يا نبي الله، إني كانت لي امرأة، فتزوجت عليها أخرى، فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحدثى رضعة أو رضعتين، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (لا تحرم الإملاجة والإملاجتان)، وفي لفظ لمسلم من حديث أم الفضل أن تبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُحرِّم الرضعة أو الرضعتان، أو المصة أو المصتان). ا ه.

والمصة هي المرة الواحدة من المص، ويقال لها الإملاجة، والرضعة وهي تناول الثدي برفق وامتلاج لبنه أي: امتصاصه لمرة واحدة، يقال: امتلج اللبن أي: امتصه، وأملجه أرضعه.

كما روى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرِّمن ثم نُسِخْنَ بخمسٍ معلومات، فتوفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنَّ فيما يقرأ من القرآن. ا ه.

ولا نزاع عند أهل العلم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر وأن قراءة الآحاد تكون شاذة ولا تجوز القراءة بها في الصلاة، وقد أجمع المسلمون كذلك على أن قول عائشة رضي الله عنها: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنَّ فيما يقرأ من القرآن، أنه لا تجوز قراءة خمس رضعات معلومات على أنها قرآن، لأنها لم تخرج عن كونها قراءة آحاد فهي منسوخة التلاوة قطعاً ولا نسخ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال النووي رحمه الله في قول عائشة رضي الله عنها: (فتوفيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنَّ فيما يقرأ من القرآن) معناه أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جداً حتى أنه صلى الله عليه وسلم توفِّي وبعض الناس يقرأ: خمس رضعات، ويجعلها قرآنا متلوًّا لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أنه هذا لا يتلى. ا ه.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 3/232-233

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق