حرص الإسلام على سدِّ كل طريق يؤدي إلى استرقاق الحرِّ المسلم

2020-06-24
حرص الإسلام على سدِّ كل طريق يؤدي إلى استرقاق الحرِّ المسلم
الفائدة الرابعة والخمسون من لطائف قرآنية من تفسير سورة النساء من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول حرص الإسلام على سدِّ كل طريق يؤدي إلى استرقاق الحرِّ المسلم.

وإنما اشترط الله عز وجل فيمن يتزوج أمةً أن يكون عاجزاً عن الزواج من الحرة المسلمة لحرص الشريعة الإسلامية على تجنّب استرقاق الحر المسلم، وذلك بسبب أن الحر المسلم إذا تزوج الأمة يصير أبناؤه منها عبيداً لسيدها، إذ الأولاد يتّبعون أمّهم حرية ورقاً ويتّبعون خير الأبوين ديناً، فالإسلام يحرص على سد كل طريق يؤدي إلى استرقاق الحر المسلم ويعمل على تحريره.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 3/240-241

  1. لم تعرف الإنسانية ديناً أو نظاماً حارب التمييز العنصري كما حاربه دين الإسلام.

ولما كان قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]، قد يفهم منه من لا خبرة له بأسرار وحكم التشريع الإسلامي أن ذلك تمييز عنصري دفع ذلك الوهم وأبعد ذلك الخاطر حيث عقّب بقوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [النساء: 25]، أي: لا تشكّكوا في إيمان أحد بسبب لونه أو عنصره، فعليكم أن تكتفوا بما يظهر لكم من انقياد الشخص لتعاليم الإسلام، وكِلْوا السرائر إلى الله وحده فإنه هو وحده علام الغيوب ، وربّ أمةٍ مؤمنة تفضل الحرة المؤمنة في إيمانها، وبعضكم من جنس بعض في النسب والدين، فلا يترفع الحرُّ عن نكاح الأمة ما دام يخشى على نفسه الوقوع في العنت وارتكاب ما حرّم الله عز وجل من الفاحشة، ولذلك قال الله عز وجل في خواتيم المسك من سورة آل عمران: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195].

واعتبر التمييز باللون أو الجنس من عمل أهل الجاهلية، ولذك نبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر لما عيّر عبداً له بأمه حيث قال له: يا ابن السوداء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك امرؤ فيك جاهلية، فقد روى البخاري ومسلم عن المعرور بن سويد قال: رأيت أبا ذر الغفاري رضي الله عنه وعليه حُلَّةٌ، وعلى غلامه مثلها، فسألته عن ذلك، فذكر لي أنه سابَّ رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعيَّره بأمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنك امرؤٌ فيك جاهلية، هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم).

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 3/241-242

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق