تمنِّي الإنسان ما منحه الله لغيره ينقسم إلى مذموم وممدوح

2020-06-24
تمنِّي الإنسان ما منحه الله لغيره ينقسم إلى مذموم وممدوح
الفائدة السبعون من لطائف قرآنية من تفسير سورة النساء من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول أن تمنِّي الإنسان ما منحه الله لغيره ينقسم إلى مذموم وممدوح.

يقول الله عز وجل: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32]، أي: ولا تشتهوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض، وارضوا بما قسم الله عز وجل لكم من رزق.

واعلموا أن تمنِّي الإنسان ما منحه الله لغيره ينقسم إلى قسمين: قسم مذموم وقسم ممدوح، فالمذموم هو تمني الإنسان زوال النعمة عن غيره وانتقالها إليه سواء كانت نعمة دنيوية أو دينية، وهذا هو الحسد الذي ذمه الله عز وجل فيغير موضع من كتاب الله حيث يقول عز وجل: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 54]، وأشار إلى شره حيث يقول: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق].

كما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث). وتمنى زوال النعمة عن الغير هو المقصود بالنهي في قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}.

أما القسم الثاني من تمني الإنسان ما منحه الله لغيره فهو الغبطة، وهو ممدوح وقد يطلق عليه اسم الحسد تجوزاً وتوسعاً، وهو أن يتمنى مثل النعمة التي أنعم الله بها على غيره دون تمني زوالها عن صاحبها، ويكون هذا من باب التنافس في أعمال الخير والبر، وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا ينبغي لأحد أن يغبط أحداً على نعمة أنعم الله عز وجل عليه بها ويتمنى مثلها لنفسه دون زوالها عن صاحبها إلا في خصلتين اثنتين، الأولى: أن يرى إنساناً قد منحه الله مالاً وسلطه على إنفاقه في الحق فهو يتمنى أن يكون مثله، والثانية: أن يرى إنساناً قد منحه الله علماً فهو يقوم به آناء الليل والنهار عملاً وتعليماً، فهو يتمنى أن يكون مثله.

فقد روى البخاري وسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلَّطه على هلكته في الحق، ورجلٌ آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها). والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا حسد) أي: لا غبطة.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 3/258-259

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق