ليس الإيمان بالتمني ولكن بما وقر في القلب وصدقه العمل
قال تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 123-124].
بعد أن بين الله تبارك وتعالى أن من أهم خطوات الشيطان إلقاء الأماني الكاذبة في قلوب الناس؛ شرع هنا يقرر القاعدة المانعة الجامعة التي تنير الطريق الحق أمام السالكين، وتكشف الفرق بين أماني المغرورين وبين ما يتمناه المؤمنون، حتى يُعرف الفرق بين الأماني الشيطانية وبين الوعود الرحمانية.
ومن أمثلة ذلك ما توهمه المشركون من أن أصنامهم تنفعهم وتشفع لهم عند الله، فإذا جاءوا يوم القيامة تبرأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب.
وكذلك ما ألقاه الشيطان وأعوانه في نفوس أهل الكتاب أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى كما أشار إلى ذلك تبارك وتعالى حيث يقول: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111].
ومن أمثلة ذلك ما يتمناه بعض من ينتسب إلى الإسلام من رضا الله وهو لا يصلي ولا يصوم ولا يؤدي حقوق الله ولا حقوق عباده، ويظن أن مجرد انتسابه إلى الإسلام يكفيه دون أن يعمل بعمل أهل الإسلام، ولذلك لم يكن الإيمان بالتمني ولكن بما وقر في القلب وصدقه العمل، وقد روى الترمذي وقال حديثٌ حسنٌ عن شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني). وفي ذلك يقول تبارك وتعالى هنا: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 122-123]. أي: ليس الدين والجزاء بشهوات الناس وتمنياتهم وأهوائهم المنحرفة عن دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن، بل الدين الحق هو ما أنزله الله تبارك وتعالى في كتابه، وجاء به رسوله وسيد خلقه محمدٌ صلى الله عليه وسلم.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 3/441-442
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق