يقين المشركين بأن محمداً هو رسول الله حقا
وقوله تبارك وتعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33]، كشفٌ لحقيقة ما انطوت عليه نفوس المشركين من أهل مكة وأنهم في قرارة قلوبهم يوقنون بأن محمداً هو رسول الله حقا وصدقا، وأن تكذيبهم له صلى الله عليه وسلم هو من باب جحود الحق مع العلم بحقيقته عناداً واستكباراً، كما قال عز وجل في فرعون وقومه: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 13-14].
وقد أبرز أبو طالب هذه الحقيقة وأعلن أنه موقنٌ بأن محمداً هو رسول الله، وإنما يمنعه من الدخول في الإسلام ما يخشاه من مسبة آبائه الذين ماتوا في الجاهلية حيث يقول في لاميته المشهورة:
فواللهِ لولا أن أَجيءَ بسُبَّة ٍ تَجُرُّ على أشياخنا في المَحافلِ
لكنَّا اتَّبعْناهُ على كلِّ حالة ٍ منَ الدَّهرِ جِدا غيرَ قَولِ التَّهازُلِ
لقد عَلموا أنَّ ابْنَنا لا مُكذَّبٌ لَدَيهم ولا يُعْنى َ بقَوْلِ الأباطلِ
حدِبْتُ بنفسي دونَهُ وحَمَيتُهُ ودافَعْتُ عنه بالذُّرَا والكلاكلِ
وكما قال أبو طالب في نونيته المشهورة:
ودعوتني وعلمتُ أنك صادق ولقد صدقت وكنت قبل أمينا
وعرضتَ دينا قد علمتُ بأنه من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذاري سبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 4/353-354
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق