الخطاب في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}، للعموم وإن كان وارد بلفظ الواحد
والمخاطب بقوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: 68]، هو كل فرد من أفراد آحاد أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويدخل في عمومهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخولاً أولياً.
ومما يدل على أن الخطاب في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}، هو للعموم وإن كان وارداً بلفظ الواحد قوله تعالى بعد ذلك: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 69].
قال ابن كثير رحمه الله وقوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} أي بالتكذيب والاستهزاء {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} أي: حتى يأخذوا في كلام آخر غير ما كانوا فيه من التكذيب، {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} والمراد بهذا كل فرد، فرد من آحاد الأمة، ألا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله ويضعونها على غير مواضعها، فإن جلس أحد معهم ناسيا {فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى} بعد التذكر {مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
ولهذا ورد في الحديث: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، وقال السدي، عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} قال: إن نسيت فذكرت، فلا تجلس معهم. وكذا قال مقاتل بن حيان.
وهذه الآية هي المشار إليها في قوله: {وَقَدْ نزلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} الآية، أي: إنكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك، فقد ساويتموهم في الذي هم فيه. ا ه.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 4/406-408
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق