العَمَى الحقيقي هو عَمَى القلب
ومعنى قوله -عز وجل-: {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} [الأنعام: 104]، أي: فمن استنارت بصيرته وانشرح صدره للإسلام واتبع هُدَى الله الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد جلب الخير لنفسه وأنقذ نفسه من النار، ومن انطمست بصيرت، وعُمِّيَ قَلْبُهُ فكذَّب بالحق لما جاءه؛ فإنه يضر نفسه ولا يضر الله شيئاً، ووبال عمله السيء لا يتحمله أحد سواه.
وقد بين الله -تبارك وتعالى- في محكم كتابه الكريم أن عَمَى العين لا يضر صاحبه عند الله -عز وجل- وإنما الذي يضر صاحبه هو عَمَى القلب حيث يقول -تبارك وتعالى-: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46]، فالعمى الحقيقي هو عَمَى القلب لا عَمَى العين، إذ رُبَّ إنسان عميت عينه وهو أعظم بصيرةً من كثير من المبصرين، كما أن المراد من قوله -تبارك وتعالى-: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء: 72]، هو عَمَى البصيرة لا عَمَى البصر، ولذلك قال -عز وجل-: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 124-126].
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص44
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق