الخلود الأبدي في النار إنما يكون لمن مات على الشرك الأكبر
وقوله -تبارك وتعالى-: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 128]، هذا خبر من الله -تبارك وتعالى- عما هو قائل لشياطين الجن وأوليائهم من الإنس يوم القيامة، وأخرج الخبر عما هو كائن مُخْرَجَ الخبر عما كان لتقدم الكلام قبله بمعناه ولتحقق وقوعه، أي: قال الله لأولياء الجن من الإنس ولشياطينهم من الجن الذين تقدم خبره عنهم: {النَّارُ مَثْوَاكُمْ}، أي: نار جهنم هي مقر إقامتكم الذي تثوون فيه أي: تقيمون فيه، {خَالِدِينَ فِيهَا}، أي: لابثين فيها غير مخرجين منها، وقوله -عز وجل-: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} تنبيه إلى أنه ليس كل من يدخل جهنم يخلد فيها لأنه لا يخلد فيها إلا من مات على الشرك الأكبر، ولا شك أن طاعة شياطين الجن والإنس تكون في الشرك بالله -عز وجل- وفيما دون الشرك من المعاصي كالزنا والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك من الفواحش وكبائر السيئات.
ولما كان الخلود الأبدي السرمدي في النار إنما يكون لمن مات على الشرك الأكبر، أما من مات من أهل الكبائر على الإيمان وأوبقته سيئاته في نار جهنم فإنه لا يخلد فيها وإنما يخرج منها بعد أن تمتحشه النار، ويقبل الله -عز وجل- فيه شفاعة الشافعين، أو يخرجه بمحض فضله، فقد روى البخاري من حديث عمران بن حصين قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يخرج أقوام من النار بشفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فيدخلون الجنة ويُسَمَّوْنَ الجهنميين).
كما روى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يقول الله تعالى: من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه فيخرجون قد امتحشوا وعادوا حمما فَيُلْقَوْنَ في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحِبَّةُ في حَمِيل السَّيْل، ألم تَرَوا أنها تخرج صفراء ملتوية).
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص75-76
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق