احتجاج المشركين بالمشيئة على وجه التكذيب للرسول لا التوحيد
وهؤلاء المشركون لم يذكروا المشيئة على وجه التوحيد وإنما ذكروها على وجه التكذيب للرسول -صلى الله عليه وسلم- لما نهاهم عن الشرك وأخبرهم أن الله منع من الشرك، وأنه لم يحرم ما حرموه؛ ولذلك ردَّ الله -عز وجل- عليهم بقوله: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} [الأنعام: 148]، أي: كذلك كذبت الأمم السابقة الرسل حتى حلت بالمكذبين عقوبة الله، كما قال -عز وجل-: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 35-36]، وكما قال -عز وجل-: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ} [الزخرف: 20-21].
ولذلك قال هنا: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} [الأنعام: 148]، أي: هل عندكم من كتاب عن الله -عز وجل- بأنه راض عن شركهم وتحريم ما تحرمون فإن كان عندكم علم فأبرزوه لنا وأظهروه وبينوه، والواقع أنكم لا علم عندكم بما تقولون وتفعلون فأنتم لا تتبعون في شرككم وتحريم ما تحرمون إلا الوهم والخيال والرأي الفاسد، وما أنتم إلا تفترون على الله فيما ادعيتموه.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص107
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق