الحذر من الاغترار بما يُشاهد من توسعة في الرزق على بعض الكافرين وضيق على بعض المؤمنين
وقوله -تبارك وتعالى-: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32]، تنبيه إلى أن الله -تبارك وتعالى- إنما أوجد هذه الزينة والطيبات من الرزق من أجل عباده المؤمنين، وإنما ينتفع بها الكفار على سبيل المشاركة والتبعية للمؤمنين مدة الحياة الدنيا، أما في الآخرة فهي خاصة بالمؤمنين خالصةٌ لهم لا يشاركهم فيها أحد من الكافرين، ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بما قد يشاهد من توسعة في الرزق على بعض الكافرين وضيق في الرزق على بعض المؤمنين؛ فإن الكافر يتمتع قليلاً ثم يصير إلى النار والمؤمن يصبر قليلاً إذا ضيق عليه في الرزق ثم يصير إلى الجنة كما قال -عز وجل-: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126]، ولذلك وصف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدنيا بأنها سجن المؤمن وجنة الكافر فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر).
ولما حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذهب والحرير على الرجال قال: (هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)، كما جاء في البخاري ومسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه، فإن المقصود أن الكفار يتمتعون بها متاعاً قليلاً ثم يصيرون إلى النار أما المؤمنون فإنهم يتمتعون بالطيبات من الرزق التي أبيحت لهم في الدنيا ثم يتمتعون بالزينة والطيبات من الرزق التي لا تخطر على البال ولا تدور في الخيال مما لا عين رأت ولا أذن سمعت في جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها ازواج مطهرة وهو فيها خالدون.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص169
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق