الغدر بالعهد سمة ثابتة للمنافقين

2020-09-26
الغدر بالعهد سمة ثابتة للمنافقين
اللطيفة المائة وستة من تفسير سورة التوبة من كتاب تجريد التأويل للشيخ عبد القادر شيبة الحمد حول أن الغدر بالعهد سمة ثابتة للمنافقين.

قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [التوبة: 75-78].

هذه صورة أخرى من صور المنافقين وديدن يلازمهم وهو سمة من سماتهم وهو الغدر بالعهد سواء كان هذا العهد مع الله عز وجل أو مع أحد من خلقه.

وفي هذا المقام بيان بأن بعض هؤلاء المنافقين عاهدوا الله عز وجل على أنه إذا أغناهم ووسع عليهم تصدقوا على الفقراء والمساكين وأنفقوا في سبيل الله، فلما وسَّع الله عز وجل عليهم غدروا لعهد الله فبخلوا بالمال الذي أعطاهم الله فلم يتصدقوا على فقير ولم يصيروا صالحين وأعرضوا عن طاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فجعل الله عاقبة فعلهم السيء نفاقاً ومرضاً ثابتاً متمكناً من قلوبهم لا يفارق قلوبهم إلى يوم يلقون الله في الدار الآخرة، فلا تنشرح صدروهم للتوبة حتى يموتوا وهم على نفاقهم بسبب هذه الجريمة المنكرة التي ارتكبوها وهي الغدر بعهد الله الذي عاهدوه عليه.

وفي هذا تحذير شديد من ارتكاب المعاصي مطلقاً وبخاصة الغدر بعهد الله وميثاقه، لأن المعصية قد تجر المعصية حتى سنطبع على القلب فيعمى تماماً ولا تتسرب إليه أنوار الأيمان. وقد حذر الله عز وجل من الغدر بعهد الله وميثاقه حيث يقول: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الأسراء: 34]، ويقول عز وجل: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] الآية، ويقول عز وجل في وصف أولي الألباب: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} [الرعد: 20]، ويقول تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1].

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص152-153

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق